الأحد 17 نوفمبر 2024 الموافق 15 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
حازم عادل
عربى ودولى

غزة تواجه الاحتلال بـ "سلاح الإنجاب".. تزايد نسب الخصوبة عند الفلسطينيات وإنخفاضها لدى الإسرائيليات.. 20 ألف طفل ولدوا في جحيم الحرب.. منع إسرائيل للأدوية والواقي الذكري تسبب في زيادة المعدلات

الأحد 28/يناير/2024 - 03:08 م
إسرائيليون
إسرائيليون

الأشهر التسعة الأولى من عام 2023 شهدت تراجعاً في معدل الخصوبة بين النساء اليهوديات بنسبة 3.6% .. تقرير: تباطؤ نمو السكان الإسرائيليين مع استمرار تراجع معدلات الإنجاب

 

يشهد قطاع غزة  طفرة في ارتفاع عدد المواليد الجدد،حيث قالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف ) إن نحو 20 ألف طفل ولدوا في "جحيم" حرب غزة منذ اندلاعها في السابع من أكتوبر الماضي، داعية إلى تحرك دولي عاجل لإنقاذ المواليد الجدد وأمهاتهم. 

 

سجلت الإدارة العامة للأحوال المدنية بوزارة الداخلية الفلسطينية في قطاع غزة، 14 ألف و958 مولوداً جديداً، خلال الربع الثالث من عام 2023 الماضي

 

وبحسب الإحصائية التي أصدرتها وزارة الداخلية، الخميس الموافق 5 أكتوبر 2023، فإنّها قدّرت عدد المواليد الذكور بـ7 آلاف و763 مولوداً بنسبة 52%، في حين بلغت النسبة التقديرية للمواليد الإناث 48% بواقع 7 آلاف و95 مولودة.

 

وسجلت مدينة غزة -وفق الإحصائية- أعلى نسبة مواليد بعدد 5481 مولود، فيما سجلت أحوال خانيونس 2824 مولودًا، أما الشمال فسجلت 2812 مولوداً جديداً.

 

وذكرت أن مكاتب الأحوال المدنية مكاتب داخلية بداخلية الوسطى سجلت 2054 مولوداً خلال الفترة ذاتها، في حين سجلت الأحوال المدنية بمديرية داخلية رفح 1787مولوداً.

 

اليونيسيف ترصد مشاهد مروعة.. مولود جديد كل 10 دقائق في غزة

 

وروت المتحدثة باسم اليونيسيف تيس إنغرام -بعد عودتها مؤخرا من زيارة إلى غزة- مشاهداتها عن أمهات نزفن حتى الموت، وممرضة اضطرت لإجراء عمليات ولادة قيصرية لـ6 نساء حوامل متوفيات.

 

وقالت إنغرام للصحفيين في جنيف عبر اتصال بالفيديو من عمّان "هناك طفل يولد كل 10 دقائق وسط هذه الحرب المروعة".

 

وأضافت "الأمومة يجب أن تكون مناسبة للاحتفال. أما في غزة، فإنه طفل آخر يخرج إلى الجحيم"، مشددة على ضرورة القيام بتحرك دولي عاجل.

 

وتابعت "رؤية أطفال حديثي الولادة وهم يعانون، بينما تنزف بعض الأمهات حتى الموت، يجب أن يقض مضاجعنا جميعا".

 

الأعلى كثافة سكانية

ويعد القطاع من أعلى المناطق في العالم من حيث الكثافة السكانية عند مقارنتها مع مساحته الجغرافية، ويعتقد المختصون في الديمغرافيا (علم الجغرافيا البشرية) أن زيادة أعداد المواليد في غزة تنذر بكارثة سكانية بعد عشر سنوات، في ظل نقص المواد وضيق مساحة القطاع.

 

وأشارت هيئة الأمم المتحدة في تقريرها الأخير حول الأوضاع في غزة بأن القطاع بات منطقة منكوبة، وغير صالح للحياة ، في ظل نقص شديد في الموارد الحياتية والمائية، وانعدام فرص إيجاد حلول عملية تساهم في وقف التدهور المعيشي للسكان والبيئي للطبيعة.

 

الأطفال يشكلون نسبة 49 في المئة من إجمالي سكان غزة

وبحسب بيانات جهاز الإحصاء الفلسطيني (مؤسسة حكومية)، فإن الأطفال يشكلون نسبة 49 في المئة من إجمالي سكان غزة، ويبلغ عدد الأطفال دون عمر 18 أكثر من 950 ألف نسمة، بينهم 300 ألف أعمارهم لا تزيد على أربع سنوات.

 

وسجلت دائرة الرعاية الأولية في وزارة الصحة الفلسطينية أن عام 2021 الأعلى في نسبة الولادات على مدار السنوات العشر الماضية وخلاله بلغت نسبة الولادات نحو ربع مليون طفل تقريباً، ويليه عام 2018 الذي سجل فيه ولادة نحو 60 ألف طفل.

 

يُقدّر عدد الأطفال دون 18 سنة، وفق إحصاء الربع الأوّل للعام 2019، بأكثر من 900 ألف، رُصد منهم 5.5 في المئة عمالاً سواء بأجر أم من دون أجر. وارتفعت نسبة الأطفال الفقراء من 27 في المئة عام 2011 إلى 31 في المئة عام 2019، وبلغ عدد الأطفال الفقراء 645 ألفاً، بواقع 53 في المئة في قطاع غزة.

 

4500 مولود شهرياً

وفقاً لمؤشرات صدرت عن مركز المعلومات الصحية، فإن المعدل الشهري للمواليد في غزة يصل إلى 4500 مولود، وفقاً لمؤشرات صدرت عن مركز المعلومات الصحية، ومن بين المواليد عادة ما يكون هناك 51.3 في المئة من الذكور، ونحو 48.3 في المئة إناث.

 

ويوضح أن هناك عدداً من المستشفيات الخاصة بالأطفال في مدينة غزّة، أما في المحافظات الأخرى فلا يوجد مستشفيات متخصصة، وتقدم وزارة الصحة في غزة إلى جانب مقدمي الخدمات الصحية خدمة معقولة للمواليد، على الرغم من أنها تعاني من نقص حاد في الأدوية الخاصة بالأطفال.

 

وحدة نظم المعلومات الصحية في غزة

 

وتبلغ نسبة الوفيات بين الأطفال دون سنة، وفق وحدة نظم المعلومات الصحية في غزة، نحو 10.7 لكل 1000 ولادة قبل أحداث غزة الأخيرة. وهذا المؤشر مقبول مقارنة بالدول المجاورة، وهو قريب من مؤشر الوفيات في إسرائيل.

 

ويشير إلى أن أقل عمر إنجاب عند السيدات في غزة يكون عند 15 سنة ويكون 3 في المئة من هذه الفئة حاملاً بما يسمى الحمل الخطر، بينما أعلى نسبة إنجاب عند المتزوجات في عمر 25 سنة بنسبة خصوبة تصل إلى 33.7 في المئة، لافتاً إلى أن الولادات الجديدة عادة ما تكون للأمهات تصنيف ربة منزل بنسبة 94 في المئة، وعادة ما يكون الأب يعمل بنسبة 50 في المئة للمواليد الجدد.

 

الزواج المبكر وانعدام فرص العمل

وتعزو الزيادة الهائلة في أعداد المواليد إلى الزواج المبكر وعدم وجود فرص عمل للوالدين، وتلفت إلى أنّ الفلسطيني يعتقد أنّ الإنجاب قهر للإسرائيلي ومرتبطٌ بالدين، ويتجاهل ربّ الأسرة صعوبات تربية الأطفال والجوانب الاقتصادية ونفقات الأطفال.

 

وتشير بعض الدراسات إلى أنّ الحالة النفسية التي يعيشها سكان القطاع بسبب الأوضاع القاسية، ووجود الفراغ الناجم عن عدم توافر فرص عمل، تعد عاملاً مساهماً في تسجيل الأرقام العالية من الولادات. وبحسب الإحصاءات الأخيرة فإن نسبة البطالة في قطاع غزّة تبلغ نحو 85 في المئة، والغالبية من المتزوجين ومن لديهم أسر.

 

العازل الذكري

وأعلنت وزارة الصحة بالتعاون مع منظمات دولية،أنها نظمت حملات توعية وفحوصات للأمهات في شأن تنظيم الإنجاب، وتمنح الوزارة الأمهات عقاقير علاجية خاصة بتنظيم الأسرة، لكن هناك نقصاً في الأدوية التي لها علاقة بتنظيم الأسرة، بسبب منع الجانب الإسرائيلي إدخالها. ومن ضمن الممنوعات العازل الذكري.

 

ومن جانبه، يقول أسامة أبو عيطة مدير مكتب غزة لصندوق الأمم المتحدة للسكان إنهم يولوا الصحة الإنجابية أهمية كبيرة، من خلال العمل على تقليص نسبة وفيات الأمهات أثناء الولادة، والتوعية على الصحة الإنجابية وتنظيم الأسرة، من خلال العمل مع وزارة الصحة ومؤسسات المجتمع المدني.

 

ويعتبر أبو عيطة أن ظاهرة زواج الفتيات القاصر تستحق الاهتمام والمعالجة، من خلال التثقيف ورفع السن القانونية، وبمشاركة وزارتي التربية والتعليم والصحة، والمؤسسات الأخرى.

 

النمو السكاني في الاحتلال الإسرائيلي

كشف تقرير  لصحيفة The Times of Israel الإسرائيلية نُشِر الإثنين الماضي عن تباطؤ النمو السكاني في الاحتلال الإسرائيلي، رغم أنه لا يزال مرتفعاً نسبياً باعتبار أنها مُصنَّفة دولة متقدمة، مع استمرار انخفاض معدلات الإنجاب بين جميع المجموعات الدينية، وذلك وفق ما جاء في تقرير.

 

وقال التقرير الصادر عن مركز Taub Center for Social Policy Studies في إسرائيل -ومقره القدس المحتلة- إنَّ عدد السكان بلغ، حتى نهاية العام الماضي، 9.84 مليون نسمة، بزيادة 1.86% خلال عام.

 

انخفاض معدل الخصوبة


يقل معدل النمو هذا عن المتوسط ​​خلال العقد الماضي، على الرغم من أنَّ معدل الوفيات في العام الماضي سجل انخفاضاً قياسياً حتى نهاية سبتمبر، وكانت الهجرة أعلى من المعدل الطبيعي.

 

بين عامي 2018 و2022، انخفض متوسط ​​معدل الخصوبة لليهود من 3.17 إلى 3.03 طفل لكل امرأة، بحسب خبير الديموغرافيا في مركز Taub البروفيسور أليكس فاينرب. وسجلت النساء المسلمات والمسيحيات انخفاضاً أكبر، من 3.20 إلى 2.91 لمعدل الإنجاب بين المسلمين، ومن 2.06 إلى 1.68 بين المسيحيين. أما بين النساء الدرزيات فقد بلغ الانخفاض من 2.16 إلى 1.85.


كذلك، ذكر التقرير أنَّ الأشهر التسعة الأولى من عام 2023 شهدت تراجعاً في معدل الخصوبة بين النساء اليهوديات بنسبة 3.6% عمّا كان عليه خلال نفس الفترة من عام 2022، بينما كان معدل الخصوبة لدى النساء العربيات أقل بنسبة 3.1%.

 

مجموعة "غير يهودية" داخل الاحتلال


في السياق، أدى الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير2022 إلى تعزيز الهجرة إلى إسرائيل، التي كانت تمثل، خلال العقد السابق، نحو 20% من النمو السكاني سنوياً.

 

خلال عام 2022، ارتفع هذا الرقم إلى 39%، مع استمرار نفس المستوى في النصف الأول من عام 2023.

 

وأشار البروفيسور فاينرب إلى أنَّ المجموعة التي وصفها مكتب الإحصاء المركزي في إسرائيل بأنها "غير مصنفة حسب الدين" وتتألف بالأساس من مهاجرين من الاتحاد السوفييتي السابق الذين لم تقبلهم السلطات الدينية في البلاد على أنهم يهود، تسهم بدور متزايد الأهمية في التغيرات الديموغرافية في إسرائيل.


ففي عام 2009، شكَّلت هذه المجموعة حوالي 3% من النمو السنوي في إسرائيل، وارتفعت إلى 6% بحلول عام 2012، و8% بحلول عام 2015، و13% بحلول عام 2019، وما يقرب من 20% بحلول عام 2023.

 

وأظهرت بيانات من مسح للقوى العاملة أنَّ هذه المجموعة تمتعت بأعلى معدل توظيف وتسهم بأطول ساعات عمل من أية مجموعة في إسرائيل – حتى إنها تجاوزت تلك التي يتمتع بها اليهود العلمانيون.

 

وكتب البروفيسور فاينرب: "بعبارة أخرى، يبدو أنَّ هذه المجموعة من المهاجرين هي النوع المحدد من السكان المنتجين الذي يدعمه ويسعى لتشجيعه العديد من المُروِّجين للهجرة في أوروبا. وإذا كان الأمر كذلك، فإنَّ إسرائيل كانت محظوظة اقتصادياً".

 

وأشار التقرير إلى نمو ثابت في علاجات الخصوبة في إسرائيل، حيث نفذت 26 عيادة تلقيح صناعي معتمدة من وزارة الصحة 50.680 دورة علاجية في عام 2020. وفي عام 2019، 5% من جميع المواليد الأحياء أُنجِبوا بمساعدة التلقيح الاصطناعي.