ارتفاع الدولار وعوائد السندات يتسبب في هبوط الذهب 0.8% (تقرير)
أنهت أونصة الذهب العالمية تداولات الأسبوع الماضي على انخفاض في ظل ارتفاع مستويات الدولار وعوائد السندات الحكومية الأمريكية، حيث استمرت التوقعات تتزايد أن الفيدرالي الأمريكي في طريقه إلى تأجيل قرار خفض الفائدة، من جهة أخرى يحصل الذهب على الدعم من ارتفاع الطلب على الذهب الفعلي.
خلال الأسبوع الماضي انخفض سعر الذهب الفوري بنسبة 0.8% ليغلق تداولات الأسبوع عند المستوى 2024 دولار للأونصة وكان قد سجل أدنى مستوى عند 2014 دولار للأونصة، وبذلك يكون سعر الذهب انخفض منذ بداية العام بنسبة 1.9% ما يمثل بداية ضعيفة لهذا العام.
ويكشف تحليل جولد بيليون أن الأسباب الرئيسية وراء انخفاض سعر الذهب العالمي هذا الأسبوع كانت تصريحات أعضاء البنك الفيدرالي الأمريكي، والتي صبت جميعها لصالح تأجيل قرار خفض الفائدة والحفاظ على المعدلات الحالية لفترة أطول من الوقت حتى ضمان تراجع معدلات التضخم بشكل مستدام ما يضمن الوصول إلى مستهدف التضخم للبنك في النهاية عند 2%.
عمل هذا على دعم الدولار الأمريكي الذي ارتفع خلال الأسبوع الماضي بنسبة 0.1% وفقاً لمؤشر الدولار، ولكنه سجل بداية الأسبوع الماضي اعلى مستوياته منذ 3 أشهر، بينما ارتفعت عوائد السندات الحكومية الأمريكية لأجل 10 سنوات الأسبوع الماضي بنسبة 3.8% لتسجل أعلى مستوى في 3 أسابيع عند 4.195%.
غابت البيانات الاقتصادية الهامة عن الأسواق خلال الأسبوع الماضي، ولكن تصريحات أعضاء الفيدرالي عوضت هذا الغياب، وظل الضغط السلبي متواجد على الذهب مع احتفاظ الدولار بمكاسبه التي حققها من قوة تقرير الوظائف الأمريكية الذي صدر الأسبوع السابق، وتصريحات رئيس الفيدرالي جيروم باول إن البنك سيظل حذرًا في النظر في أي تخفيف نقدي هذا العام، وأن مرونة الاقتصاد الأمريكي تمنحه مساحة أكبر لإبقاء أسعار الفائدة مرتفعة لفترة أطول.
في المقابل وعند النظر إلى أسعار الذهب نجد أنه لم يستسلم إلى الهبوط بشكل كبير، بل تحرك في تذبذب واتجاه عرضي يميل إلى الهبوط، وفي النهاية استقر داخل نطاق التداولات الذي يسيطر على تحركاته منذ قرابة 4 أسابيع.
السبب في هذا أن الذهب وجد الدعم من الطلب على الملاذ الآمن في الأسواق المالية بسبب استمرار التوترات الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط بعد رفض الكيان الصهيوني مبادرات الهدنة ووقف إطلاق النار.
إلى جانب هذا عادت المخاوف بشأن القطاع المصرفي الأمريكي إلى الظهور من جديد في ظل بعض الضغوط في البنوك الإقليمية الأمريكية، حيث خفضت وكالة موديز تصنيف بنك نيويورك كوميونيتي بانكورب بسبب الضغط على عمليات التمويل والسيولة النقدية لدى البنك.
وبالنسبة للطلب الفعلي فقد فرض تجار الذهب الفعلي في الهند علاوات هذا الأسبوع للمرة الأولى منذ أربعة أشهر، شجعهم على ذلك ارتفاع المشتريات مع تراجع الأسعار المحلية، في حين عزز مهرجان السنة القمرية الجديدة مشتريات الذهب في الصين وأماكن أخرى.
وقد دفع ارتفاع الطلب التجار في الهند إلى فرض زيادة في الأسعار تصل إلى دولارين للأونصة بأعلى من الأسعار المحلية الرسمية. بينما في الصين أكبر مستهلك للذهب في العالم زادت الأسعار بما يتراوح بين 36 و48 دولارًا للأونصة فوق الأسعار الرسمية قبل عطلة رأس السنة القمرية التي تستمر أسبوعًا.
قبل حلول العام الصيني الجديد شهدت الصين طلبًا مرتفع على الذهب، حيث بلغت عمليات السحب من بورصة شنغهاي للذهب في يناير أعلى مستوى لها منذ يوليو 2015، وكانت ثاني أعلى مستوى على الإطلاق.
حيث تشهد الصين انخفاض في مؤشرات الأسهم الرئيسية بسبب التراجع الحاد في أسواق الأسهم والقطاع العقاري، مما أدى إلى انخفاض مؤشر الأسهم القياسي CSI 300 في البلاد بنسبة تزيد عن 30٪ منذ بداية العام، ليمحو هذا قيمة سوقية تبلغ 6 تريليون دولار من ذروتها التي وصلت إليها في عام 2021.
عمل هذا على انتقال استثمارات ضخمة من أسواق الأسهم إلى سوق الذهب الفعلي بهدف التحوط من الأوضاع الغير مستقرة في الصين، خاصة مع حقيقة أن إخراج الأموال والاستثمارات من الصين ونقلها إلى مكان آخر أصبح أكثر صعوبة مما كان عليه قبل بضع سنوات، ليؤدي هذا إلى زيادة جاذبية الذهب باعتباره الملاذ الآمن ومخزن القيمة في الصين أوقات عدم اليقين.
من جهة أخرى أبطأ البنك المركزي الصيني مشترياته من الذهب خلال شهر يناير وهو الشهر الخامس عشر على التوالي الذي تزيد فيه الصين احتياطاتها الرسمية من الذهب، وبالرغم من التباطؤ تظل في طريقها لتجاوز موجة مشتريات الذهب الأخيرة منذ ما يقرب من ثماني سنوات.
البنك المركزي الصيني اشترى 10 طن من الذهب في يناير الماضي، حيث يبلغ إجمالي حيازات الذهب الآن في الصين 2245 طن، أي أعلى بنحو 300 طن عما كانت عليه في نهاية أكتوبر 2022.
ساعدت هذه العوامل على استقرار أسعار الذهب وكونت أرض صلبة تحت تداولات الذهب ساعدها على عدم التأثر العنيف بارتفاع مستويات الدولار الأمريكي مؤخراً بسبب تقلص توقعات خفض الفائدة الأمريكية في وقت قريب، ولكن الأسبوع القادم يشهد صدور بيانات التضخم عن الولايات المتحدة والتي سيكون لها تأثير كبير على تحركات كل من الدولار والذهب.