الجمعة 03 مايو 2024 الموافق 24 شوال 1445
رئيس التحرير
حازم عادل
تحقيقات وتقارير

بعد القبض على بلوجر نصبت على شباب السوشيال ميديا.. ما الدافع وراء ثقة الشباب العمياء فى المدونين والانسياق وراءهم؟.. خبراء اجتماع: الفراغ وغياب الرادع والثقافة والوعى السبب

الثلاثاء 13/فبراير/2024 - 11:58 ص
صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

انتشرت فى الآونة الأخيرة ظاهرة الانسياق وراء مشاهير مواقع التواصل الاجتماعى أو "البلوجرز"، بات من الواضح جليا تأثر الشباب وبخاصة الصغار بهم بشكل كبير وتقليدهم، سواء كان فى طريقة الكلام أو الأفعال أو المظاهر والملابس.

 

لم يقف الأمر عند هذا الحد، بل وصل الأمر إلى تصديق "الفولورز" أى متابعى البلوجرز والوثوق ثقة عمياء بهم بحيث يدفعوا إليهم أموالهم دون سابق معرفة بدعوى استثمارها، مما أسفر عن حدوث عمليات نصب واحتيال كثيرة مؤخرا.

 

قصة البلوجر سلمى الغزولى

 

هاهى وزارة الداخلية أعلنت أمس السبت عن القبض على " البلوجر" سلمى الغزولى و4 آخرين (شقيقها و3 من أخوالها) ؛ وذلك عقب تلقى قسم شرطة أشمون بمديرية أمن المنوفية عددا كبيرا من البلاغات  ممن  يعملون بالتسويق عبر مواقع التواصل الاجتماعى، بتضررهم من قيام  5 أشخاص- مقيمين بدائرة المركز- بالنصب عليهم والتحصل منهم على مبالغ مالية بلغت أكثر من 99 مليون جنيه، مقابل شراء ملابس لتسويقها من خلال موقع التواصل الاجتماعى "فيسبوك" دون الوفاء بذلك.

 

وذكرت الداخلية أنه بمواجهتهم اعترفوا بارتكابهم الواقعة وقيامهم بتحصيل المبالغ المالية المشار إليها مقابل استيراد ملابس من الخارج لصالح القائمين بعمليات التسويق الإلكترونى وترويج المتهمين لنشاطهم من خلال موقع فيسبوك، وعدم وفائهم بالتزاماتهم وغلق حساباتهم المستخدمة في ذلك على مواقع التوصل الاجتماعى، وتم اتخاذ الإجراءات القانونية، وتولت النيابة العامة التحقيق.

 

القصة بدأت بزعم البلوجر خلال صفحتها أنها تعمل في منتجات ماركة شهيرة، وأنها لديها القدرة على عمل خصومات كبيرة من خلال كوبونات الخصم المباشر، الأمر الذي جعل الفتيات يتواصلن معها ويطلبن المنتجات عن طريق تحويل الأموال عن طريق المحافظ الإلكترونية، وتحويلات بنكية أخرى إلى حسابها بزعم توفير المنتجات، وكانوا يستخدمون 
أرقام هواتف دولية للتواصل مع التجار والوسطاء الذين يقيمون خارج البلاد، خشية تتبع تليفوناتهم.

 

وانكشفت عملية الاحتيال عندما وعدت الغزولى الفتيات بأن يكون موعد تسليم البضائع وكروت الشحن الدولارية "الجيفت كارد"، في 2 فبراير الجاري، وعقب 3 أيام من ذلك الموعد اكتشف أكثر من 2000 سيدة وشاب وقوعهم في فخ النصب عليهم والاستيلاء على قرابة المليار جنيه، وتبادلوا فيما بينهم تسجيلًا صوتيًا منسوبا لـ سلمى الغزولي تقول فيه: "اطمئنوا الفلوس موجودة معايا"، وحتى هذه اللحظة وعقب القبض على المتهمة لم يعرف ضحاياها بمصير أموالهم ومكان تواجدها.

 

وهنا يبقى السؤال ما الدوافع التى تجعل الشباب يثقون فى البلوجر ويعطونهم أموالهم دون سابق معرفة بهم؟ وكيف يتجنب رواد مواقع التواصل الاجتماعى الوقوع فى فخ النصب والاحتيال؟

عشوائية السوق 

وحول هذا الأمر  تقول الدكتورة هالة منصور،أستاذ علم الاجتماع بجامعة بنها،" السوق المصرى يمتاز هذه الفترة بعشوائية كبيرة جدا سواء فى الإعلان أو البيع أوالشراء، حيث يتم البيع على مواقع التواصل الاجتماعى بشكل كبير دون أية ضوابط فى جودة المنتج أو طبيعته، إذ  ربما يتم استغلال الناس بالإعلان عن منتج وبيع منتج آخر".

 

وتضيف فى تصريحات خاصة لـ" مصر تايمز": هناك شركات تقوم ببيع الوهم للناس بدرجة كبيرة، فيتم التربح فى إطار هذه العملية، وقد لا تظهر بعض عمليات النصب لأنها تكون فى إطار مبالغ بسيطة، لكن مع تجميع الأموال من عدد كبير من الناس تكون المبالغ ضخمة بهذا الشكل الذى رأيناه".

 

وتتابع أستاذ علم الاجتماع " اختفاء المرجعيات فى حال التعرض لعملية نصب على مواقع التواصل الاجتماعى، فضلا عن طول الطريق فى استرداد الحقوق، وعدم معرفة كيفية تقديم الشكوى  كل ذلك يؤدى إلى زيادة عمليات النصب".

 

الفراغ وغياب الرادع السبب

 

وتشير إلى أنه تحرك الأجهزة الأمنية وإلقاء القبض على البلوجر الشهيرة وعصابتها أمر مبشر، لافته إلى أنه تم التحرك بعدما تم الاحتيال على الناس فى مبالغ كبيرة جدا، مؤكدة أن هؤلاء المحتالون يبدأوا بعملية نصب صغيرة، وإذا لم يجدوا رادعا يتمادوا حتى يصل الأمر عمليات النصب الكبيرة.

 

وترجع منصور سبب التأثر الكبير بالشباب بالبلوجر إلى الفراغ، والاتجاه إلى استخدام مواقع التواصل الاجتماعى بشكل كبير جدا، موضحة أن هناك عدد كبير من الدول قامت بإغلاق "التيك توك"، لكنه فى مصر لا زال مفتوحا، بما يعمل على هدم الشباب وتضييع الوقت واستغلاله بشكل سيء .

 

وتنصح الأهل بضروة الاهتمام بأبنائهم والرقابة علي ما يشهدونه ويتابعوه، بالإضافة إلى ضرورة قيام الدولة بتوعية الناس بخطورة ظاهرة البلوجرز ولفت الانتباه إلى أنهم يبيعوا الوهم للناس ويستهلكوا جهدهم وأوقاتهم بل وينصبوا عليهم فى بعض الأحيان.

 

وتؤكد أستاذ علم الاجتماع إلى ضرورة تركيز وسائل الاعلام على  نشر أخبار القبض على من يقوموا بالنصب على الناس وفضحهم، وتوضيح أن هناك رادع من خلال الأجهزة الأمنية وأن الناس يقوموا باسترداد أموالهم بالفعل، حتى يتم توخوا الحذر من السلوكيات المشابهه، مشددة على ضرورة  تشجيع الناس على الابلاغ فى حالة إذا ما تعرضوا لعمليات نصب.

 

غياب الوعى التثقيفى

 

وبدورها تقول الدكتورة سامية خضر صالح ،أستاذ علم الاجتماع بكلية التربية جامعة عين شمس، "يمثل الشباب 65% من المجتمع المصرى، وبالرغم من ذلك لا يجدوا أمامهم سوى "البلوجرز" ومشاهير مواقع التواصل الاجتماعى فينساقوا وراءهم، بالتالى نحن فى حاجة إلى تعظيم القدوة، وبخاصة فى ظل الانفتاح العالمى.

 

وتضيف فى تصريحات خاصة لـ" مصر تايمز": مستوى الثقافة فى مصر فى السنوات الماضية كان عاليا، إذ كانت لوسائل الإعلام دور توعوى كبير جدا وكانت تعزز الإيجابيات وتوضح السلبيات، أما الآن لم يعد الوضع كذلك حيث لم يعد هناك خط تثقيفى توعوى يقوى المناعة الفكرية للمجتمع  المصرى وبخاصة الشباب".

 

 وتتابع أستاذ الاجتماع " انسياق الشباب وراء البلوجرز ليس خطأهم بل خطأ الإعلام الذى لم يعد يقدم برامج توعوية كما كان فى السابق، والآن ما يقدم ويعرض مجرد " تفاهات"، والدولة كذلك لها دور خطير وكذا المدرسة، وغياب دور الأهل والرقابة فى تربية الأبناء، حتى أن برامج الأطفال لم تعدو عن كونها مجرد " تنطيط" وصراخ لا تقدم شيئا مفيدا".

 

وتؤكد صالح على ضرورة إعادة النظر فى الثقافة المصرية، مشيرة إلى أن ما تقدمة المسلسلات والأفلام من فن يؤثر بشكل كبير على المجتمع، فمثلا ما يقدم فى رمضان يؤثر بشكل كبير فى المجتمع، مضيفة " زمان كان هناك ما يعرف بمقص الرقيب، حيث يتم حذف المشاهد والبرامج التى لا تساير الدين وعادات وقيم المجتمع، لكن أين الثقافة والإعلام والفكر المصرى".

 

تجدر الإشارة إلى أن هذه الحادثة لم تكن الأولى من نوعها، ففى ديسمبر الماضى تم القبض على البلوجر هدير عاطف بتهمة توجيه الدعوة للجمهور عبر مواقع التواصل الاجتماعي لجمع أموالٍ منهم لتوظيفها واستثمارها، وتلقيهم تلك الأموال منهم، وامتناعهم عن رد تلك المبالغ المستحقة لأصحابها، وإنشائهم وإدارتهم واستخدامهم مواقع وحسابات خاصة بهدف ارتكاب وتسهيل ارتكاب تلك الجرائم.