بعد قرار تحديد سعر توريد القطن.. هل سيستعيد "الذهب الأبيض" مكانته؟.. شعبة الأقطان: قرار سيحفز المزارع على زراعة القطن وأتوقع مستقبلا أفضل له.. نقيب الفلاحين: تدنى أسعار القطن سبب عزوف الفلاح
لـ" الذهب الأبيض" أو القطن المصرى مكانتة المتميزة بين أقطان العالم، فهو يتربع على عرش الأقطان ويمتاز بجودته العالية، لكنه فى السنوات الأخيرة تدهورت زراعته وعزف المزارعون عن زراعته وبالتالى تقلصت رقعة المساحات الزراعية المنزرعة منه، وقل الإنتاج بشكل كبير.
وكان اتحاد مصدرى الأقطان قد أعلن فى بيانات رسمية الأيام الماضية عن تراجع تعاقدات تصدير القطن المصري منذ بداية الموسم التصديري الجاري بنحو 51%، لتهبط إلى 22.8 ألف طن مقارنة بنحو 46.7 ألف طن في الفترة نفسها من الموسم الماضي.
وأشار إلى إن صادرات الموسم الجاري وحتى منتصف شهر يناير الماضى، تتوزع بين 10 آلاف طن من إنتاج الموسم الجاري، و12.5 ألف طن أقطان "فضلة" من إنتاج الموسم السابق.
وأرجع الاتحاد هبوط صادرات القطن في الموسم الجاري إلى انخفاض الإنتاج بشكل عام عن العام السابق بسبب تقلص مساحات الزراعة بنحو 25%، بالإضافة إلى أن الأسعار العالمية للقطن المصري مع بدية الموسم كانت مرتفعة بنحو 40% مقارنة بأسعار بداية الموسم الماضي، ما أثر في النهاية على طلبات التصدير الفعلية.
وفى السياق ذاته وافق مجلس الوزراء خلال اجتماعه منذ أيام برئاسة الدكتور مصطفى مدبولي- على ما عرضه وزيرا الزراعة واستصلاح الأراضي وقطاع الأعمال العام- بشأن تحديد سعر ضمان لتوريد القطن للموسم القادم 2024/2025 بحيث يكون سعر الضمان 10 آلاف جنيه لقنطار القطن متوسط التيلة بالوجه القبلي، و12 ألف جنيه لقنطار القطن طويل التيلة بالوجه البحري.
لكن هل سينعش هذا القرار زراعة القطن فى مصر بالفعل وسيعيده إلى مكانته الأولى؟ كل هذا وغيره من التفاصيل يأتى فى السطور التالية.
تدنى أسعار القطن
وحول هذا الأمر يشيد أحمد عياد، رئيس الشعبة العامة للأقطان بالغرفة التجارية، بقرار رئاسة مجلس الوزراء بتحديد سعر ضمان توريد القطن واصفا إياه بالمشجع والمحفز للفلاح على زراعة القطن، مضيفا" هذه فرصة جيدة أمام المزارع".
ويضيف لـ" مصر تايمز": المشكلة الرئيسة التى كانت تواجه زراعة القطن المصرى تكمن فى تقلب الأسعار وتدنيها، إضافة إلى تفضيل أصحاب المصانع شراء القطن اليونانى والسودانى عن المصرى باعتبارهم الأرخص ثمنا، فى الوقت الذى تُصدر فيه مصر القطن للعالم كله ويُباع بأسعار عالية".
ويتابع عياد قائلا" إضافة إلى ما سبق فإن أسعار القطن ليست مجدية بالنسبة للمزارع، حيث يتراوح سعر القنطار اليوم ما بين 13500 جنيه و14 ألف، لذا فإن صدور هذا قرار تحديد سعر ضمان التوريد قبل بداية موسم الزراعة فى مارس المقبل أمر جيد".
ويوضح أن زراعة القطن تبدأ فى شهر مارس ويتم الحصاد فى مطلع سبتمبر، مؤكدا أن إنتاج هذا العام لم يتخطى 2 مليون قنطار فى حين أنه فى فترة الخمسينات كانت مصر تنتج 16 مليون قنطار، وكان يتم تصدير نصفهم والباقى كان يتم به تشغيل المصانع.
ويتوقع رئيس شعبة الأقطان أن يكون مستقبل القطن فى الفترة المقبلة أفضل، لافتا إلى أن الشعبة قد تقدمت باقتراحات وقدمتها للحكومة بحيث يتم تصنيعه بدلا من بيعه فى صورة خام، بما يزيد من القيمة المضافة.
القطن المصرى الأفضل عالميا
ومن جانبه يقول حسين أبوصدام، نقيب الفلاحين،" إن قرار تحديد سعر ضمان توريد القطن يعد مكسبا للمزارعين ومحفزا لزيادة الرقعة الزراعية من القطن؛ خاصة وأن المزارع سيطمئن إلى أن السعر لن يقل عن الأسعار التى حددتها الحكومة"، موضحا أن هذا كان مطلبا هاما للمزارعين خلال السنوات الماضية.
ويضيف لـ" مصر تايمز": اليوم يصل سعر قنطار القطن إلى 14 ألف جنيه، والسعر الذى حددته الحكومة وهو 10 آلاف جنيه للقنطار متوسط التيلة وجه قبلى، و12 ألف جنيه للقنطار طويل التيلة وجه بحرى، سعر ضمان استرشادى قابل للزيادة بمعنى أنه سيكون هناك تسعير آخر وقت جنى المحصول وبيعه".
ويؤكد أبو صدام تدهور زراعة القطن فى السنوات الأخيرة، إذ أنه فى الموسم الحالى تم زراعة 250 ألف فدان من القطن، فى حين تم زراعة 350 ألف فدان فى الموسم الماضى، موضحا أنه فى فترة التسعينيات كانت تتم زراعة نحو مليونى فدان من القطن حيث ينتج الفدان من 7 إلى 8 قنطار.
ويعرب عن أمنيته فى عودة زراعة القطن كما كان فى السابق، مضيفا" القطن مهم جدا للاقتصاد المصرى، إلى جانب أن بذوره تدخل فى صناعة الزيوت والتى نستورد 98% من احتياجاتنا منها من الخارج، وأيضا تستخدم كـ"كُسب" وعلف للحيوانات".
ويتابع نقيب الفلاحين قائلا" إضافة إلى ما سبق فإن إنتاج القطن يساهم فى تشغيل عمالة كبيرة فى مصانع الغزل والنسيج، فضلا عن توفيره العملة الصعبة؛ نظرا لجودته العالية، نحن فى أمس الحاجة إلى أن نعيد للقطن مكانته الطبيعية فى مصر وتوسيع المساحات المنزرعة منه".
أسباب العزوف عن زراعة القطن
ويوضح أن ما تم إنتاجه من القطن هذا العام يصل إلى حوالى مليون و750 ألف قنطار فقط، سيتم تصديرها إلى الخارج، لافتا أن مصر تستورد قطن قصير التيلة والذى يستخدم فى المصانع.
ويشير أبو صدام إلى أن مصر تتربع على عرش الأقطان عالميا، إذ أن القطن المصرى يعد من أجود أنواع الأقطان، وتمتاز مصر بالقطن طويل التيلة وفائق الطول، حيث يتم زراعة القطن فى وجه بحرى جيزة 96 و97 و45 وفى وجه قبلى جيزة 95.
ويختتم حديثه قائلا" لعل من أهم أسباب عزوف الفلاح عن زراعة القطن هو تدنى أسعاره، فالفلاح يجرى وراء المحاصيل التى تدر له ربح اقتصادى عالى، والقطن من زراعة صيفيه ينافسه فيها الأرز والذرة وغيرها من المحاصيل الأكثر ربحا من القطن لذا فإنه يتجه إليها".
السعر العادل
وبدوره يقول الدكتور أحمد خُزيِّم، المستشار الاقتصادى ورئيس منتدى التنمية والقيمة المضافة،" دائما ما يبحث المزارع عن التكلفة وسعر البيع، وهنا يجب أن يكون السعر الذى تحدده الحكومة كضمان توريد متوازنا مع السعر نفسه فى السوق، وهذا السبب الذى جعلنا نتراجع فى زراعة القمح والسكر، ثم نقوم باستيراد هذه المنتجات نفسها بالدولار وبتكلفة أعلى".
ويضيف لـ"مصر تايمز": السعر المتوازن هذا والعادل يسمح بألا يمتنع المزارع عن التوريد للحكومة أو يقلل المساحة المزروعة أى تقليل فى أرباح المزارع أو المُصنّع أنت تجبره على التحول عن النشاط أو نوع الزراعة، ويؤدى هذا إلى حدوث نقص فى الاكتفاء الذاتى، والذى يترتب عليه رفع فاتورة الوارد".
ويتابع خُزيِّم قائلا" نحتاج إلى مدرسة من التنمية للقيمة المضافة، بمعنى مَنْ يُنتج نحفزه ونشجعه، لنستغنى عن فاتورة وارد تكلفنا دولارات ليست موجودة فى البلد، خلاص القول لابد أن يزيد الفلاح ويأخذ حقه حتى تتسع مساحات الرقعة الزراعية وبالتالى تزيد الصادرات".