الجمعة 22 نوفمبر 2024 الموافق 20 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
حازم عادل
منوعات ومرأة

باحث تاريخي لـ "مصر تايمز": المسحراتي من أبجديات شهر رمضان.. و والي مصر أول من أمتهنها

الجمعة 08/مارس/2024 - 06:51 م
المسحراتي
المسحراتي

"اصحى يا نايم وحد الدايم رمضان كريم"، "يـا غافي وحّـد الله"، "يا نايم وحّد مولاك اللي خلقك ما بينساك"، "قوموا إلى سحوركم جاء رمضان يزوركم".. هي عبارات اعتاد المصريون على سماعها قبيل الفجر في شهر رمضان المعظم، و الكلمات التي ينادي بها "المسحراتي" في شهر رمضان تنبيهاً للمسلمين وإيقاظاً للنائمين و بث الفرحة على من سيصبحوا صائمين ، بأنه قد حان وقت تناول السحور. 

 

و في بعض الأحيان يضاف إلى تلك العبارات ذات الشجون أسماء بعض الأطفال من قاطني الشارع الذي يمر فيه المسحراتي لمداعبتهم و بث الفرحة في نفوسهم فينادي المسحراتي: "اصحى يا فلان" أو تكون هناك محاولات من المسحراتي لجمع بعض الأموال في عيد الفطر فينادي على أرباب الأسر في الطرقات و الأزقة و الحارات فيقول: "اصحي يا فلان ، اصحى و صحي العيال".

 

قال  المؤرخ  والباحث التاريخي سامح الزهار،  إن المسحراتي الموروث الثقافي للمصريين في شهر رمضان الكريم و على رأسه هذه المهنة المميزة التى تعد من أبجديات شعور المصريين بشهر رمضان و لرسوخه في وجدانهم بشكل اجتماعي قبل أن يكون بشكل عقائدي، هي مهنة عرفها التاريخ الإسلامي فى أزمنته عصوره المختلفة، احتفظت بها بعض الدول فى العالم الإسلامي و لكن على رأس تلك الدول تأتي مصر. 

 

و أوضح "الزهار" في تصريحات خاصة لـ "مصر تايمز"، أن  المسحراتي هو الشخص الذي يقوم بإيقاظ الناس ليلاً قبل الفجر بفترة مناسبة ليتناولوا سحورهم، و تطورت هذه المهنة تطوراً كبيراً على مدى العصور الإسلامية ، ففي صدر الاسلام كان المسلمون يعرفون وقت السحور بآذان بلال بن رباح، ويعرفون الإمتناع عن الطعام (الإمساك) بآذان عبد الله بن مكتوم.

 

وأشار إلى أنه مع اتساع رقعة الدولة الإسلامية اختلفت أساليب تنبيه الصائمين، وابتكر المسلمون وسائل أحدث من باب أن التنبيه على السحور للدلالة على الخير والتعاون على البر، ومن هنا ظهرت مهنة المسحراتى بصورتها الأقرب للحالية فى عصر الدولة العباسية في عهد الخليفة المنتصر بالله.

 

والي مصر أول مسحراتي 

ولفت المؤرخ التاريخي،  أن والي مصر عتبة بن اسحاق، قال ان المسلمين لا ينتبهون كثيراً إلى وقت السحور ولا أحد يقوم بتلك المهمة، فقرر أن يقوم هو بنفسه بأداء تلك المهمة، فكان يمر في شوارع المحروسة ليلاً لإيقاظ الناس من مدينة العسكر الى مسجد عمرو بن العاص بالفسطاط، وينادي قائلا: "عباد الله تسحروا فإن فى السحور بركة".

 

 وأضاف "الزهار"، أنه فى العصر الفاطمي، أصدر الحاكم بأمر الله أوامر لجنوده بالمرور على المنازل، و قرع الأبواب لإيقاظ المسلمين للسحور، وبمرور الزمن قام بتخصيص رجل للقيام بهذه المهمة يمسك بيده عصا يدق بها أبواب البيوت منادياً "يا أهل الله قوموا تسحروا"، كما  تطورت مهنة المسحراتي على يد المصريين، وابتكروا فكرة الطبلة الصغيرة التي يحملها المسحراتي ليقوم بالدق عليها بدلاً من الدق بالعصا على أبواب المنازل ، وكانت تسمي "بازه". 

 

وذكر المؤرخ  والباحث التاريخي سامح الزهار، أنه بمرور الوقت تطورت تلك المهنة فاستخدم المسحراتي الطبلة الكبيرة، وكان المسحراتي ينشد الأشعار والأغاني الشعبية الجميلة الخاصة بتلك المناسبة الرمضانية، ثم تطور الأمر الى أن أصبح عدداً من الأشخاص يقومون بتلك المهمة وليس شخصاً واحداً و يكونوا حاملين الطبول و يرأسهم المسحراتي ويقومون بالغناء والتجول في أروقة المدينة لإيقاظ المصريين لتناول سحورهم.