الخميس 21 نوفمبر 2024 الموافق 19 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
حازم عادل
عربى ودولى

محلل أمريكي: الجيش الروسي لديه خطط "نووية" لوقف أي غزو صيني

الأربعاء 13/مارس/2024 - 04:40 م
علم روسيا
علم روسيا

 على الرغم من العناوين المثيرة، فإن الوثائق العسكرية الروسية المسربة التي تناقش الأوضاع (من بينها سيناريو غزو صيني) التي يمكن أن تدفع موسكو حال حصارها إلى اللجوء إلى الأسلحة النووية، ليست مفاجئة أو مثيرة للدهشة. ولا ينبغي أن يشعر أحد بالحيرة لوجود خطط طوارئ لدى الجيش الروسي للتصدي لأي غزو صيني محتمل.

 

وقال المحلل الأمريكي الدكتور نيكولاس جفوسديف، أستاذ دراسات الأمن القومي في الكلية الحربية البحرية الأمريكية ومدير برنامج الأمن القومي في معهد أبحاث السياسة الخارجية في تقرير نشرته مجلة ناشونال انترست الأمريكية، إنه عموما ، أحد أسباب عدم تحقيق تقدم في تقليص الأسلحة النووية التكتيكية بشكل كبير، على الرغم من طرح مثل تلك المقترحات على الطاولة بعد نجاح معاهدة القوى النووية المتوسطة المدى عام 1987، هو أن روسيا كانت دائما تعتبر الأسلحة النووية التكتيكية قدرة أخيرة لحماية الدولة الروسية في حالة الانهيار التام أو هزيمة قدراتها العسكرية التقليدية.

 

وتساءل جفوسديف، عما إذا كانت هذه التسريبات، خاصة بشأن الخطط الروسية لاستخدام تلك الاسلحة لوقف أي غزو صيني، تغير أي شيء؟

 

وقال جفوسديف إن وظيفة المؤسسات العسكرية في مختلف أنحاء العالم، في المقام الأول هي التصور والاستعداد لأي سيناريو، مهما كان مستبعدا. فقد احتفظت الولايات المتحدة بخطط حربية لغزو كندا حتى القرن العشرين. وكان جزء من الحسابات التي دفعت الولايات المتحدة إلى قبول قيود على بناء السفن الحربية في العديد من المؤتمرات البحرية في عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي هو إمكانية اندلاع صراع مستقبلي مع بريطانيا العظمى. وفي الواقع، تفترض فكرة التخطيط القائم على أساس القدرات (في مقابل التخطيط القائم على أساس اى سيناريو معين) أن الولايات المتحدة يجب أن تكون مستعدة للتغلب على القدرات وليس الثقة في أن الأيدي التي تمتلك هذه القدرات ستكون صديقة ولن تستخدمها ضد الولايات المتحدة أو مصالحها.

 

ويرى جفوسديف أنه رغم أن هذه الوثائق كتبت في الفترة بين عامي 2008 و2014، خلال إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما، (أي في تاريخ قديم، وفقا للمصطلحات الأمريكية) فإن هيئة الأركان العامة الروسية تلقي نظرة بعيدة المدى. فالشركاء الحاليون اليوم، ومن بينهم تركيا والصين، كانوا في الماضي منافسين استراتيجيين. ولا تزال المؤسسة الأمنية الوطنية الروسية تنتهج حكمة أو مقولة القيصر ألكسندر الثالث، الذي أشار إلى أن الحلفاء الحقيقيين والدائمين لروسيا هما فقط جيشها وبحريتها. وبعبارة أخرى، ترى روسيا شراكاتها في إطار المعاملات والمواقف. فقد كانت أنقرة وبكين تعارضان موسكو في الماضي لكنها تتعاونان معها اليوم لأن هذا من مصلحتهما. وإذا تغيرت الحسابات فإن العلاقات ستتغير أيضا.

 

وذكر جفوسديف أن المحرر المؤسس لمجلة ناشونال انتريست، أوين هاريس، قد قال ذات مرة إن الولايات المتحدة "تعرض التحالفات بشروط سهلة". وتفترض واشنطن أن الحلفاء لن يكون لديهم أي سبب للتحول ضدها. في المقابل موسكو تؤمن أنها إذا أظهرت أي علامة على الضعف أو التدهور، سيرى شركاؤها الاستراتيجيون الحاليون أن هذا يشكل فرصة لتغيير معايير شراكاتهم لكي تكون لصالحهم.

 

وأكد المحلل أن هذا الموقف ظهر في العامين الماضيين حيث تستخدم روسيا الجزء الأكبر من قوتها في متابعة تنفيذ "عمليتها العسكرية الخاصة" في أوكرانيا، على الرغم من تكبد خسائر عسكرية كبيرة من المقاومة الأوكرانية، بالإضافة إلى الضرر الاقتصادي الناجم عن العقوبات الغربية المفروضة عليها. وفي ظل هذه الظروف، تمكنت تركيا والصين من الضغط لإجراء مراجعات لشراكتيهما مع روسيا، خاصة في الجانب الاقتصادي. وتعد أنقرة سببا رئيسيا لنجاح "الممر الأوراسي" الذي مكن موسكو من تخفيف بعض من تأثير العقوبات الغربية وتحويل التوازن في كل من القوقاز والبحر الأسود لصالح تركيا. من جانبها، تمكنت الصين من تغيير شروط التجارة ليتم تسعير الموارد الروسية بالعملة الصينية ولصالح حصول الصين على تخفيضات إضافية. وإذا استمرت القوة الروسية في التراجع، فماذا سيحدث بعد ذلك".

 

فقبل عقدين من الزمن، أشار المحلل السياسي الأمريكي راجان مينون في هذه الصفحات، إلى إمكانية حدوث سيناريو ، تتمكن فيه الصين، حتى إذا لم تضم بشكل رسمي أراض روسية سابقة في سيبيريا والشرق الأقصى (والتي كانت في السابق جزءا من الإمبراطورية الصينية سابقا) من ممارسة سيطرة فعلية. وهذا يغذي الكابوس الجيوسياسي الذي يخشاه الكرملين منذ مدة طويلة والذي يتمثل في روسيا ضعيفة مقسمة إلى مناطق نفوذ غربية أوروبية وشرق أوسطية وصينية.

 

واختتم جفوسديف تقريره بالتساؤل عما إذا كان قد تم تسريب هذه الوثائق بشكل استراتيجي- في هذا الوقت بشكل خاص- لتذكير الصين (والولايات المتحدة) أن روسيا تدرس حدا أدنى للاستخدام النووي كتحذير ضد استغلال نقاط الضعف الروسية؟ ويكمن جمال التسريب في أن الكرملين يستطيع أن ينأى بنفسه رسميا عن الوثائق (وحتى يزعم أن الوثائق عفا عليها الزمن) لكنه في الوقت نفسه يحقق الهدف منها. ويتم تذكير الصين أن الاشتباك مع روسيا سيكون مكلفا وأنه يمكن تحقيق أهداف بكين ورغباتها بشكل أفضل من خلال استمرار التعاون داخل الإطار الحالي للعلاقات الصينية الروسية. نعم، ربما يكون الدب (الروسي) مريضا، إلا أن مخالبه لا تزال حادة.