السبت 27 أبريل 2024 الموافق 18 شوال 1445
رئيس التحرير
حازم عادل
تحقيقات وتقارير

رسائل إسرائيل المتناقضة.. محللون يشككون في وجود خطط مدروسة لمغامرات نتنياهو في اجتياح رفح.. ومسؤول إسرائيلي سابق “منع حدوث مجاعة مسؤولية تل أبيب من الناحية القانونية”

السبت 16/مارس/2024 - 11:56 ص
صورة ارشيفية غزة
صورة ارشيفية غزة

 بعد أن سقطت ورقة التوت التي كانت تواري سوءات الحرب التي تشنها حكومة بنيامين نتنياهو في قطاع غزة منذ خمسة أشهر ونصف، باستشهاد عشرات الآلاف من الفلسطينيين غالبيتهم من الأطفال والنساء، ومع انحسار الدعم المطلق والتأييد اللامحدود من قبل الولايات المتحدة والغرب، لم تعد الخلافات بين نتنياهو وداعمه الأكبر والأهم الرئيس الأمريكي جو بايدن سرا وخرجت إلى العلن حتى باتت مادة خصبة لوسائل الإعلام بشكل شبه يومي.

 

وفي ظل تصاعد تلك الخلافات ووصولها إلى حد التراشق اللفظي مع تزايد الضغوط الشعبية المطالبة بوقف الدعم المقدم لإسرائيل،خرج مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي الجمعة ليعلن موافقته على خطط الاجتياح البري لمدينة رفح جنوب القطاع، حيث يتكدس أكثر من مليون ونصف المليون شخص، وهي القضية التي فجرت خلافا عميقا بين نتنياهو وبايدن خلال الأيام القليلة الماضية.

 

وأضاف مكتب نتنياهو في بيان مقتضب: "يستعد الجيش الإسرائيلي للعمليات العسكرية ولإجلاء السكان"، إلا أنه لم يتطرق لتفاصيل تلك الخطة أو يحدد إطارا زمنيا لبدء الهجوم.

 

إعلان يبدو في ظاهره تحديا للتحذيرات الدولية العديدة، ومن بينها الأمريكية، من تداعيات اجتياح رفح دون التفكير في مصير عشرات الآلاف من المدنيين المتكسدين فيها، لكنه يحمل في باطنه الكثير من التناقضات، حيث جاء متزامنا مع إعلان تل أبيب أنها سترسل وفدا إلى قطر لمواصلة المفاوضات الرامية إلى تأمين إطلاق سراح باقي الرهائن الذين تحتجزهم حركة حماس.

 

وبينما لم تعلق حركة حماس على مصادقة نتنياهو على خطط اجتياح رفح، كررت واشنطن موقفها بأنه "لا يمكن أن ندعم عملية عسكرية واسعة النطاق في رفح بطريقة لا تضمن أمن أكثر من مليون شخص هناك".

 

وحذر البيت الأبيض من أن "أي عملية عسكرية في رفح دون مراعاة سلامة المدنيين ستكون كارثية وسنواصل الحديث مع إسرائيل بشأن ذلك".

 

ويبدو أن البيت الأبيض أراد الحفاظ على زخم المفاوضات بقوله إن تصور حماس الأخير "يقع بالتأكيد ضمن إطار الصفقة التي عملنا عليها خلال الأشهر الماضية... متفائلون بحذر بأن محادثات وقف إطلاق النار في غزة تتحرك في الاتجاه الصحيح".

 

وأضاف: "لم نر خطة إسرائيل بشأن رفح ونود أن نطلع عليها... نشارك عن كثب في مفاوضات الدوحة ونعتقد أنه يمكننا أن نحرز تقدما".

 

وفي السياق، اعتبر وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن أن إرسال إسرائيل فريقا للتفاوض "يعكس إمكانية وضرورة التوصل لاتفاق بشأن صفقة تبادل في غزة... الولايات المتحدة ستبذل كل ما في وسعها لإنجاز اتفاق تبادل للأسرى المحتجزين في قطاع غزة".

 

على الجانب الآخر، اعتبرت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية أن "نتنياهو خدع العالم وتبنى تقييدات (وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار) بن غفير وسمح له بتنفيذها لمنع وصول المصلين إلى الأقصى".

 

وعبرت الوزارة عن استغرابها الشديد من "الدول المتحضرة التي تمد إسرائيل بالسلاح وتطل علينا بمواقفها الداعية للتأكد من أن هذا السلاح وتلك الذخائر لا تستخدم لقتل المدنيين!".

 

وتساءلت: "ألا تكفي أشلاء الضحايا من أبناء شعبنا لتتأكد تلك الدول أن أسلحتها تقتلنا ولا تستخدم للدفاع عن النفس؟"، مضيفة أن "المجازر ترتكب في وضح النهار وهي موثقة ولا تحتاج إلى أية تحقيقات لإثبات بشاعتها ومرتكبيها".

 

وطالبت الوزارة بفرض "عقوبات دولية رادعة على دولة الاحتلال لإجبارها على الانصياع للمطالب والقرارات الدولية".

 

يأتي ذلك بينما ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية أن حماس قدمت تنازلات في محادثات وقف إطلاق النار، "بعد التهديد بطردها من قطر وعدم تحقق توقعاتها بشأن الأقصى في رمضان ".

 

ونقلت الصحيفة عن وسطاء أن "تنازلات حماس بشأن تبادل الأسرى وتراجعها عن مطالبتها بوقف دائم للقتال قبل التوصل إلى اتفاق جعلت مواقف الجانبين في المحادثات في أقرب نقطة منذ أسابيع، ويجدد هذا التحول الآمال في توقف أعمال العنف على الأقل، بعد انهيار الجولة السابقة من المناقشات".

 

كما أشارت الصحيفة ، نقلا عن وسطاء ، أن "حماس خففت موقفها مع قيام الوسطاء العرب بزيادة الضغط عليها، بما في ذلك التهديد بطرد مسؤوليها من الدوحة إذا فشلوا في إقناع قادة الحركة في غزة بالموافقة على صفقة".

 

من جهتها سلطت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية الضوء على جانب آخر من سوءات حرب غزة، وأشارت إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي يحتفل علنا على مدار الأشهر الثلاثة الماضية بسقوط حركة حماس في شمال غزة، "متجاهلا التحذيرات بأن الشح الشديد في الغذاء واتساع فراغ السلطة من الأسباب التي أدت إلى خلق حالة من الفوضى".

 

وأضافت الصحيفة: "ولكن بعد كارثة قافلة المساعدات الأخيرة في مدينة غزة، ووسط تقارير عن وفاة أطفال فلسطينيين بسبب سوء التغذية، يواجه نتنياهو حسابا دوليا، تحت ضغط متزايد من الولايات المتحدة لتجنب المجاعة واستعادة النظام في القطاع المدمر".

 

ونقلت الصحيفة عن مسؤولين حاليين وسابقين ،لم تسمهم، أن الأزمة "تنبع من فشل إسرائيل في تطوير استراتيجية عملية لما بعد الحرب، أو التخطيط لعواقب الاحتلال العسكري المفتوح".

 

ورأى عيران عتصيون، النائب السابق لرئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي، أن الوضع في شمال غزة يسلط الضوء على "عمق المستنقع والفوضى وعدم القدرة على إعادة أي نوع من الحياة الطبيعية" بعد انتهاء المراحل الأكثر كثافة من القتال.

 

وأضاف عتصيون أن "منع حدوث مجاعة هو مسؤولية إسرائيل من الناحية القانونية، والقيام بخلاف ذلك سيكون ضد المعايير التي تتظاهر إسرائيل بأنها تتمسك بها، ولكن أيضا من الناحية الاستراتيجية، (يجب فعل ذلك) من أجل تجنب الضغوط الدولية"، بحسب الصحيفة.

 

ووسط هذا الحديث لمسؤولين إسرائيليين عن غياب الرؤية والتخطيط و"الفشل" في شمال غزة طيلة هذه الأشهر، يشكك محللون في وجود خطط مدروسة لمغامرات نتنياهو المحفوفة بالمخاطر سواء باجتياح رفح بريا أو القيام بمثل هذه العملية في لبنان، ما يشي بأن الأيام المقبلة ربما تحمل لمنطقة الشرق الأوسط تطورات ساخنة وسط تحذيرات من اتساع نطاق الصراع والدخول في دوامة أوسع من العنف.