10 أعوام مع حكماء الأمة.. مجلس حكماء المسلمين مبادرات رائدة وخطوات سبَّاقة في مواجهة التحديات التي تواجه الأمة الإسلامية والعالم.. ومشروع قوافل السلام بهدف مواجهة الإسلاموفوبيا
شكلت جهود مجلس حكماء المسلمين برئاسة فضيلة الإمام الأكبر د أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، الذي تأسس منذ عقد من الزمان، نموذجًا رائدًا في تفعيل دور قادة الأديان لمواجهة القضايا والأزمات المعاصرة، والعمل على إيجاد الحلول واتخاذ الإجراءات الفعالة والملموسة التي تهدف إلى معالجة تحديات الأمة الإسلامية والعالم بأسره.
ففي عام 2015 وبعد سنةٍ من تأسيس المجلس أطلق مشروع “قوافل السلام”، وهي مبادرة مشتركة مع الأزهر الشريف، تهدف إلى إيفاد مجموعات علميَّة، من علماء وشباب وفتيات الأزهر المتخصصين في الشريعة الإسلامية وعلومها، إلى إحدى الدول التي يتحدثون لغتها؛ حيث تقوم هذه القوافلُ بتنظيم أنشطةٍ علميةٍ وفكرية مكثفة بالتعاون مع المؤسساتِ الدينيةِ والأكاديميةِ والتجمعات الشبابية في تلك الدول تهدف إلى تصحيح المفاهيم، ودعوة المسلمين إلى الاندماج الإيجابي في مجتمعاتهم، ومواجهة ظاهرة الإسلاموفوبيا، وتخفيف حدة التوتر الدينيِّ الذي يحيطُ بكثيرٍ من المجتمعات المسلمة.
وقد جابت هذه القوافل العديد من الدول المختلفة في جميع قارات العالم، ففي عام 2015 توجهت إلى كل من الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا، وألمانيا، وإيطاليا، وإندونيسيا وباكستان، وجنوب إفريقيا، بالإضافة إلى إسبانيا، وإفريقيا الوسطى، وتشاد، وخلال عام 2016 حلت رحال القوافل في كل من نيجيريا وفرنسا، وفي عام 2017 تواجدت القوافل في فرنسا وكولومبيا، واختتمت قوافل السلام جولاتها في عام 2018 بزيارة كينيا.
ومن أبرز مبادرات المجلس أيضًا التي حَظِيَت بتفاعل وإقبال كبيرين "مدونة العشرين: مبادئ العمل الإعلامي من أجل الأخوة الإنسانية" وهي عبارة عن ميثاق مهني وأخلاقي صدر عن التجمع الإعلامي العربي من أجل الأخوة الإنسانية، الذي عقده مجلس حكماء المسامين في 4 فبراير 2020 بالتزامن مع الاحتفاء بمرور عام على توقيع وثيقة الأخوة الإنسانية، حضرها نخبة من القيادات والعاملين في المجال الإعلامي في العالم العربي؛ حيث اشتملت المدونة على 20 بندًا، ركَّزت على أهمية دور الإعلام في تعزيز قيم التعايش والتسامح والأخوة الإنسانية ونبذ خطابات التعصب، والكراهية والتطرف والإرهاب.
وفي السياق نفسه، عقد المجلس العديد من الندوات والمؤتمرات الدولية التي ناقشت قضايا وموضوعات تتعلق بنشر وتعزيز ثقافة السلم والتعايش الإنساني، ومن أبرز هذه المؤتمرات: الندوة الدولية دور الأديان في نشر السلام ونبذ العنف والكراهية 2016، الندوة الدولية الإسلام والغرب نحو عالم متفاهم متكامل 2016، مؤتمر مجلس حكماء المسلمين لتحقيق السلام في بورما 2017، المؤتمر العالمي للسلام 2017، مؤتمر الحرية والمواطنة تنوع وتكامل 2017، مؤتمر الإسلام والغرب تنوع وتكامل 2018، المؤتمر العالمي للأخوة الإنسانية 2019، التجمع الإعلامي العربي للأخوة الإنسانية 2020، ملتقى البحرين للحوار 2022، والقمة العالمية لقادة الأديان ورموزها من أجل المناخ 2023.
من جانب آخر، كان موقف مجلس حكماء المسلمين تجاه القضية الفلسطينية راسخًا وواضحًا، ودعم حقوق الشعب الفلسطيني في إقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشريف، وإرساء عملية السلام واضحًا وثابتًا؛ حيث رفض كافة محاولات تهويد القدس والتقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى المبارك، وحث المؤسسات التعليمية في العالم العربي والإسلامي على تدريس تاريخ المسجد الأقصى ومكانة القدس الشريف في الإسلام.
وفي ظل ما يشهده قطاع غزة والأراضي الفلسطينية من عدوانٍ خلَّفَ الآلاف من الشهداء والمصابين من المدنيين الأبرياء، معظمهم من النساء والأطفال، وتشريد مئات الآلاف ممَّن فقدوا السكن والمأوى ومحاولات التهجير القسري للشعب الفلسطيني الأعزل، أدان المجلس من خلال بياناته المتعددة هذا العدوان الذي ينتهك القوانين والأعراف الدوليَّة والإنسانية، وجدَّد الدعوات إلى المجتمع الدولي والعالم بضرورة وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وتخفيف معاناة المدنيين الفلسطينيين الأبرياء بإيصال المساعدات اللَّازمة، وضمان إقرار حق الشعب الفلسطيني المشروع في إقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
وفيما يتعلَّق بالأزمة السودانية التي تشهدها دولة السودان منذ العام الماضي، دعا مجلس حكماء المسلمين إلى ضرورة إنهاء الصِّراع وتحقيق الوحدة والسلام ووقف الاقتتال الداخلي، وأهميَّة حفظ الأمن والاستقرار وإنهاء الانقسامات وتعزيز روح المصالحة والتضامن بين أبناء الشعب السوداني، داعيًا الله عزَّ وجلَّ أن يوفق الحكماء إلى الأَخذِ بأيديهم إلى برِّ السلام وحقن الدماء التي حرَّمها الله تعالى من فوق سبع سماوات.
ولمعالجة أزمة الروهينغا في ميانمار قبل سنوات، التي أدت إلى مقتل الآلاف من المسلمين، وأجبرت بقيتهم على نزوح جماعي عبر الحدود إلى بنغلاديش، وفي أوج الأزمة بعام 2017، اتخذ مجلس حكماء المسلمين خطوات حاسمة لدعم مسلمي الروهينغا؛ حيث عقد مؤتمرًا اجتمع فيه ممثلون عن ميانمار مسلمون ومسيحيون وعن الحكومة البورمية للحديث حول إمكانية حل هذه الأزمة، كما أجرى وفدًا من مجلس حكماء المسلمين والأزهر الشريف زيارة إلى مخيمات مسلمي الروهينجا اللاجئين في بنغلاديش، بالتزامن مع استكمال الاستعدادات لانطلاق أولى القوافل الإغاثية والإيوائية لمساعدة ودعم اللاجئين الذين تجاوز عددهم مئات الآلاف من الشعب البورمي وعانوا أوضاعًا إنسانية ومعيشية صعبة.
وفي مواجهة الحملات الممنهجة لحرق المصحف الشريف والإساءة إلى الرسول محمد عليه أفضل الصلوات والسلام، أدان مجلس حكماء المسلمين مثل هذه الممارسات الاستفزازيَّة التي تتنافى مع كافة الأعراف والمواثيق الدوليَّة التي تدعو إلى ضرورة احترام الآخر وقبوله وعدم الإساءة للمقدسات والرموز الدينيَّة، مؤكدًا أن هذا السلوك الإجرامي يبرهن على عنصريةٍ بغيضةٍ تترفَّع عنها كافة الحضارات الإنسانية، داعيًا إلى ضرورة وقف بثِّ خطاب الكراهية وإثارة الفتن، واحترام معتقدات الآخرين.
وفي عام 2020 قرَّر المجلس تشكيل لجنة من الخبراء القانونيين الدوليين لرفع دعوى قضائية على صحيفة "شارلي إيبدو" الفرنسية، التي قامت بنشر رسوم كاريكاتورية مسيئة لنبيِّ الرحمة وكذلك لكلِّ من يسيء للإسلام ورموزه المقدَّسة، وفي بيانه أعرب عن رفضه الشديد لاستخدام لافتة حرية التعبير في الإساءة لنبي الإسلام محمد ومقدَّسات الدين الإسلامي.
وخلال عام 2021 أصدر مجلس حكماء المسلمين تقريرًا خاصًّا حول الموقف القانوني لمحاربة خطاب الكراهية ضد الإسلام، وإجراءات التقاضي في أوروبا ممثلة في فرنسا وألمانيا وإنجلترا وويلز، إضافة إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وفي عام 2023 رحب المجلس بقرار البرلمان الدنماركي الخاص الذي نصَّ على حظر "المعاملة غير اللائقة" للنصوصِ الدينيَّة ذات الأهمية الدينية الكبيرة لمجتمعات دينيَّة معترف بها، الذي يحظر عمليًّا حرق المصحف، مؤكِّدًا أن إقرار هذا القانون يعد خطوةً مهمةً من شأنها أن تُسهِمَ في تعزيز روح التسامح والتعايش المشترك والاحترام المتبادل للمقدسات والرموز الدينية، داعيًا البلدان التي تشهد اعتداءاتٍ مماثلة على الحريات والمقدسات الدينية إلى سَنِّ تشريعات مماثلة للتصدي لخطابات التعصب والكراهية والإسلاموفوبيا.
وخلال جائحة كورونا التي تُعد من أبرز التحديات العالمية التي عصفت بالعالم أجمع بما في ذلك العالم الإسلامي، وأدَّت إلى تعطيل الحياة الاقتصادية والاجتماعية والدينية، بذل مجلس حكماء المسلمين جهودًا حثيثة لتوعية كافة فئات المجتمع بهذه الجائحة، والمشاركة في مبادرة "صلاة من أجل الإنسانية" ذلك اليوم الذي توحدت فيه قلوب بني البشر في شتى بقاع العالم تحت مظلة الأخوة الإنسانية للتضرع إلى الله بالصلاة والدعاء بصوت واحد كل فرد في مكانه وحسب دينه ومعتقده ومذهبه يجمعهم اليقين المطلق في قدرة الله ولطفه ورحمته بأن يحفظ البشرية ويرفع عنها وباء كورونا المستجد "كوفيد - 19".