بالتزامن مع استضافة بطولة أمم أروربا.. ألمانيا تقيم معرضا لإظهار كيفية استغلال النازية لكرة القدم
في الوقت الذي تستضيف فيه ألمانيا هذا العام بطولة أمم أوروبا لكرة القدم، يقيم معسكر اعتقال سابق معرضا حول الصلات بين لعبة كرة القدم ومعسكر النازية في بوخنفالد.
وبالنسبة للكثير من لاعبي كرة القدم ومسؤولي الأندية، انتهت مسيرتهم المهنية عندما استولى الاشتراكيون القوميون على السلطة عام 1933. وقد تم تهميش البعض واضطهادهم، في حين تم سجن آخرين لمناهضتهم للنازية.
وتم إرسال الكثيرين إلى معسكرات الاعتقال مثل معسكر بوخنفالد، بالقرب من مدينة فايمار، حيث بنى النازيون واحدا من أوائل وأكبر معسكرات الاعتقال داخل الحدود الألمانية في عام 1937.
وقد تم إحضار السجناء للمعسكر من جميع أنحاء أوروبا والاتحاد السوفيتي، وكان من بينهم يهود وبولنديون وآخرون من عرقية السلاف ومضطربون عقليا ومعاقون بدنيا وسجناء سياسيون وأفراد من عرقية الروما و ماسونيون وأسرى حرب.
وعمل السجناء بصورة أساسية كعمالة قسرية في مصانع الأسلحة المحلية. وتم إعدام عشرات الآلاف أو توفوا نتيجة عدم كفاية الطعام والأحوال القاسية.
ولكن الحراس التابعين لقوات الأمن الخاصة النازية المسؤولة عن كل هذا القتل والمعاناة سمحوا أيضا لعدد قليل مختار بلعب كرة القدم، حيث وفرت هذه الرياضة فرصة للإفلات من روتين المعسكر اليومي ومخاطره- حتى و لو لفترة وجيزة.
وأحد هؤلاء السجناء هو لويس دي فيزي، الذي لعب كرة القدم في معسكر اعتقال آخر، ويتذكر تمكنه من التخلي عن " الملابس المملة ذات الرائحة الكريهة الخاصة بالمعسكر وعليها رقم مكروه وارتداء قمصان كرة قدم ملونة ".
وقال" لأول مرة منذ فترة طويلة، لم أعد أشعر إنني مثل رقم وحيوان قطيع عديم اللون".
وأضاف عن الحياة في أوشفيتز، وهو معسكر اعتقال نازي آخر " ربما بوجودي على بعد آلف كيلومتر عن الوطن، حيث أصبح الموت العامل المسيطر حولنا، مازال بإمكاني الانغماس الكامل في اللعبة".
وأوضح" لمدة ساعة ونصف، لا توجد أوامر أو هراوات ومشانق. أنغمس براحة في التصفيق الحاد وأترك نفسي سابحا مع موجات التهليل. وبعد كل لعبة أفوز بها، أقتنع بقوة أن الجحيم الذي نعيش فيه هنا سوف يصبح قريبا ورائي مثل حلم سيىء ".
ويركز المعرض التذكاري الجديد المقام في مكان مفتوح في بوخنفالد على اللاعبين المحترفين ومسؤولي الأندية بين سجناء معسكر الاعتقال.
وكان من بينهم الراحل جوزيف جيرو الذي اصبح لاحقا نائب رئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (1954-1896). وقد تم احتجازه في معسكر بوخنفالد للاعتقال من أيلول/سبتمبر 1938 حتى تموز/يوليو 1939.
وأصبح لاحقا وزير العدل النمساوي ورئيس الرابطة النمساوية لكرة القدم واللجنة الأولمبية النمساوية.
ولكن هناك لاعبين مشهورين آخرين لقوا حتفهم في المعسكر، ومن بينهم اللاعبان السابقان في الفرق الوطنية لفرنسا والمجر؛ أوجين مايس وهنريك نادلر.
ويقول ريكولا جونار لوتجيناو المتحدث باسم مؤسسة بوخنفالد ميتلباو دورا التذكارية في بوخنفالد إنه كان هناك تضاربا بالنسبة لاستخدام كرة القدم في معسكر الاعتقال.
وأضاف" بالنسبة للسجناء، مباريات كرة القدم في المعسكر، كلاعبين وكمشاهدين ، يمكن أن تكون وسيلة للهروب من الفظائع لفترة قصيرة ". وأوضح" ولكن على النقيض، استخدم أفراد قوات الأمن الخاصة النازية المباريات لإخفاء الطبيعة الإجرامية للمعسكر".
وعلى الرغم من أن المتحف يقول إنه تم السماح لبعض السجناء بلعب كرة القدم على أرض المعسكر، فإن معظمهم لم يتمكنوا من القيام بذلك بسبب الأعمال الشاقة والجوع.
ولكن في أبريل 1939، نظمت إدارة المعسكر أول مباراة كرة قدم، حيث كونت فريقا من السجناء اليهود ضد فريق من السجناء غير اليهود.
وأشار لوتجيناو إلى أن حقيقة أن قوات الأمن الخاصة النازية شاركت في المباريات في منطقة تورينجن " بصورة طبيعية" بفريق يتألف من أفرادها ساهم أيضا في تطبيع الجرائم في معسكر الاعتقال من وجهة نظر العامة في ذلك الوقت.
كما أن للمتحف موقعا إلكترونيا يحكي قصص أشخاص آخرين تم احتجازهم في بوخنفالد، بالإضافة إلى قصص خاصة بمقاتلي المقاومة الهولنديين وموسيقيين من فيينا ولاعبي كرة اشتراكيين إيطاليين.
ويبتعد معرض" كرة القدم ومعسكر بوخنفالد للاعتقال" في معسكر بوخنفالد التذكاري في فايمار في ولاية تورينجن نحو ساعتين أو ثلاث ساعات بالقطار عن مدن برلين و ليبزيج وفرانكفورت ودرسدن التي تستضيف مباريات بطولة أمم أوروبا 2024. ومن المقرر أن تستمر فعاليات المعرض حتى 31 آب/أغسطس المقبل.