هل الاغتيالات الإسرائيلية لقادة حماس ستؤثر على العمليات في غزة؟
هل الاغتيالات الإسرائيلية لقادة حماس ستؤثر على العمليات في غزة؟
تساءلت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية، في عددها الصادر اليوم الجمعة. عما إذا كانت الاغتيالات الإسرائيلية المتكررة لقادة حركة حماس الفلسطينية ستثبط عزيمتها؟! وقدرت الإجابة، وفقًا للتاريخ الطويل من الصراع المميت بين إسرائيل وفصائل المقاومة الفلسطينية بـ "لا".
واستهلت الصحيفة مقال رأي كتبته رئيسة تحريرها رولا خلف، بقول إن عملية اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، لم تخل من الرمزية. فبعد ساعات من حضوره حفل تنصيب الرئيس الإيراني الجديد، قُتل في هجوم على دار ضيافة في طهران وهو مقر السلطة لرعاة قادة حماس السياسيين.
ورجحت الصحيفة أن عملية الاغتيال قد تؤدي إلى رد فعل انتقامي من جانب إيران ضد إسرائيل، التي ألقت عليها باللوم في تنفيذ الضربة. لكن التأثير طويل الأمد على حماس نفسها، وحربها مع إسرائيل في غزة، من المرجح أن يكون أكثر محدودية، وفقًا لدبلوماسيين ومسئولين أمنيين إسرائيليين سابقين.
وذكرت الصحيفة أنه منذ تأسيس حماس في عام 1987، فإن نطاق أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية مكنها من تعقب وقتل العديد من قادتها في مواقع مختلفة في مختلف أنحاء الشرق الأوسط. وكانت عمليات قتل القادة ذوي الخبرة سببًا في إعاقة القدرات العملياتية لحماس في كثير من الأحيان لكن هؤلاء القتلى كانوا في نهاية المطاف يُستَبدَلون دائمًا وكانت بعض محاولات الاغتيال تأتي بنتائج عكسية.
ونقلت الصحيفة عن ميكي أهارونسون - الذي عمل في مجلس الأمن القومي الإسرائيلي في السابق - قوله: إن كل هذه الأعمال مثيرة للإعجاب ومذهلة للغاية لكنها بلا معنى إلا في حال وجود أهداف سياسية وراءها.. يمكن لإسرائيل الاستمرار في القتل حتى يأتي الغد، ولكن يجب أن تكون هناك استراتيجية أكبر.
وأعادت الصحيفة البريطانية إلى الأذهان إحدى عمليات الاغتيال البارزة لواحد من أكبر قادة حماس وهو يحيى عياش، القائد العسكري الكبير الملقب بـ "المهندس" الرائد للعديد من التفجيرات الانتحارية في التسعينيات. لقد قُتل في عام 1996 بواسطة هاتف محمول مفخخ زرعه عميل إسرائيلي وانفجر بعد أن تلقى عياش مكالمة واردة.
وفي العام التالي حاول عملاء إسرائيليون قتل زعيم آخر لحماس وهو خالد مشعل، عن طريق حقنه بالسم في شارع بالقرب من مكتبه في الأردن، لكن هروب العملاء فشل واعتقلت الشرطة الأردنية اثنين منهم، كما هدد الملك حسين "الغاضب" بقطع العلاقات مع إسرائيل إذا لم تسلم الترياق. وبعد ذلك، تراجعت إسرائيل بقيادة بنيامين نتنياهو الذي كان صغير السن وقتها وسلمت الترياق، فضلاً عن السماح لأحمد ياسين، المؤسس المشارك لحماس وزعيمها الروحي، بالعودة إلى قطاع غزة من منفاه في الأردن.
وكتب دينيس روس، مبعوث الشرق الأوسط للرئيس الأمريكي آنذاك بيل كلينتون في مذكراته بعنوان "السلام المفقود" يقول: ما بدأ كعملية لإظهار التكاليف التي تتحملها قيادة حماس خارج الأراضي الفلسطينية انتهى بسماح إسرائيل للزعيم الروحي لحماس بالعودة إلى غزة كبطل".. وأضاف:" انتهت العملية التي كانت سيئة التخطيط منذ البداية بخطأ فادح آخر؛ ما أدى إلى تعزيز حماس في هذه العملية".
وفي السنوات التي تلت ذلك، أوضحت "فاينانشيال تايمز" أن القوات الإسرائيلية اغتالت سلسلة من قادة حماس منهم الشيخ ياسين نفسه الذي اٌغتيل بصاروخ في غزة في عام 2004، بعد محاولة فاشلة في العام السابق. وبعد شهر واحد فقط، قُتل خليفته الزعيم عبد العزيز الرنتيسي، في غارة جوية أخرى في مدينة غزة.
وأكدت الصحيفة أن مثل هذه عمليات الاغتيال لعبت دورًا حاسمًا في الانتفاضة المعروفة باسم الانتفاضة الثانية، والتي برغم أنها وجهت ضربات مؤلمة لحماس، إلا أنها لم تثنيها عن مسارها حتى أنها ساعدت في تقدم جيل جديد، من بينهم هنية، الذي تولى أدوارًا بارزة على مدى العقدين التاليين.
من جانبه، قال مايكل ميلشتاين، ضابط الاستخبارات السابق في قوات الدفاع الإسرائيلية والمحلل الكبير في جامعة تل أبيب: إن سياسة استهداف قادة حماس كانت منطقية كوسيلة لإضعاف قدرة الحركة على تنفيذ الهجمات ولكن من الناحية الاستراتيجية، كان تأثير عمليات الاغتيال محدودًا.
وأضاف:" خلال الانتفاضة الثانية، اغتالت إسرائيل جميع قادة حماس الرئيسيين، ولكن بعد عامين فازت حماس بالانتخابات وبعد ثلاث سنوات سيطرت على غزة. وفي عام 2012، قتلت إسرائيل أحمد الجعبري، الذي كان زعيمًا سياسيًا وعسكريًا وأيديولوجيًا في حماس، ولكن بعد عقد من الزمان نفذت الحركة أكثر هجماتها دراماتيكية على الإطلاق ضد إسرائيل في 7 أكتوبر الماضي".
وفي الأشهر التي تلت هجمات 7 أكتوبر، نفذت إسرائيل جولة جديدة من الاغتيالات لشخصيات بارزة من حماس حيث قُتل صالح العاروري في غارة جوية في بيروت وقُتل القائدان العسكريان مروان عيسى ورافع سلامة في غارات في غزة وقالت إسرائيل يوم أمس الأول إنها واثقة من أنها قتلت أيضًا القائد العسكري لحماس محمد ضيف في غارة في منطقة المواصي بغزة في الشهر الماضي، ولكن لم تؤكد حماس مقتله. وفي هذا، قال محللون إنه في حين أن الخسارة الواضحة للضيف وغيره من القادة البارزين وجهت ضربة إلى القدرات العسكرية لحماس، فإن وفاة هنية من غير المرجح أن يكون لها تداعيات كبيرة على الحرب في غزة، لأنه كان زعيمًا سياسيًا ولم يشارك في العمليات العسكرية لحماس.