الخميس 21 نوفمبر 2024 الموافق 19 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
حازم عادل
تحقيقات وتقارير

معارك الفلسطينيين من أجل البقاء.. الجيش الإسرائيلي يبتز مرضى السرطان لاستخراج تصاريح العلاج.. جرائم الاحتلال تعرقل المفاوضات

السبت 24/أغسطس/2024 - 05:02 م
غزة - أرشيفية
غزة - أرشيفية

أفادت مجلة +972 الاسرائيلية أن "الحصار الشامل" الذي تفرضه إسرائيل على غزة أدى  إلى مجاعة شاملة في مختلف أنحاء القطاع، فقد تم احتجاز المساعدات الإنسانية عند نقاط الدخول، وكانت الكميات القليلة التي دخلت إلى القطاع غير كافية على الإطلاق.

معبر رفح

وأدى تدمير إسرائيل لمعبر رفح واستيلائها عليه في مايو والذي كانت تدخل عبره أغلب المساعدات  إلى تفاقم الوضع الكارثي. 

 

كما أثبت الرصيف الذي بنته الولايات المتحدة قبالة سواحل غزة عدم فعاليته، حيث لم ينقل سوى جزء ضئيل من المساعدات التي تستطيع الشاحنات نقلها قبل تفكيكه بعد 25 يومًا، وقد تسببت عمليات الإنزال الجوي في أضرار أكثر من نفعها، حيث سقطت على منازل وخيام فلسطينية بل وأدت إلى قتل عدة أشخاص.

المساعدات المحدودة

وأشار التقرير أيضا أنه لكي يحصل السكان على المساعدات المحدودة المتاحة، يتعين عليهم الوقوف في طوابير لفترات طويلة؛ وفي بعض الحالات، يصطف البعض في طوابير لأيام للحصول على علبتين من الفاصوليا وبعض البسكويت.

 

وعلاوة على ذلك، ولأن إسرائيل تعرقل بشكل روتيني دخول المساعدات، فقد أصيب السكان بالمرض بسبب تناول اللحوم المعلبة التي انتهت صلاحيتها أثناء احتجازها لأسابيع على الجانب المصري من معبر رفح "حتى القطط رفضت أكل تلك اللحوم".

 

وعندما يتم توزيع شحنات المساعدات داخل غزة، يتلقى السكان كميات صغيرة من الدقيق  وبعضه منتهي الصلاحية أيضًا. 

 

ونظرًا لأن معظم المخابز لم تعد قادرة على العمل، فقد يضطر البعض لشراء القمح الذي يصل في عبوات مساعدات وطحنه يدويًا وخبزه في المنزل. 

 

كما أن غاز الطهي محدود للغاية ومكلف، لذلك يتعين علينا استخدام الخشب من المنازل المدمرة والأشجار التي اقتلعتها الغارات الجوية"، كما لجأ بعض الناس إلى بناء أفران الخبز من الطين وروث الحيوانات والقش. 

نقص الماء وانتشار الأمراض  

 

وبعد وقت قصير من اندلاع الحرب، أغلقت إسرائيل الأنابيب التي تزود غزة بالمياه، كما أن توقف دخول المساعدات عبر معبر رفح منذ مايو يعني أن المياه المعبأة أصبحت صعبة المنال على نحو متزايد. 

 

كما دمرت الغارات الجوية الإسرائيلية خزانات المياه المتصلة بمنازل الناس إلى حد كبير، كما أصبحت مياه الصنبور، التي تستخرج من طبقة المياه الجوفية في غزة، ملوثة بمياه الصرف الصحي ومياه البحر، ومع ذلك لا يملك الناس خياراً سوى استخدامها للشرب والاستحمام والطهي، مما يتسبب في إصابة العديد من السكان بأمراض التهاب المعدة والأمعاء والتهاب الكبد. كما تنتشر الأمراض الجلدية بسرعة ، وتم اكتشاف شلل الأطفال في مياه الصرف الصحي. 

 

وتعمل بعض محطات تحلية المياه الصغيرة، في حين تمتلك بعض المساجد والمؤسسات الأخرى أنظمة تنقية المياه الخاصة بها، لذا يصطف السكان في طوابير للحصول على المياه من هناك. 

 

وفي ظل حرارة الصيف الشديدة، لا يتمكن سكان غزة من الاستحمام إلا مرة واحدة كل 7 إلى 10 أيام. كما أن الشامبو غير متوفر، كما ساهمت بعض منتجات النظافة الفاسدة في انتشار التهابات الجلد.

 

تأجير نعال لمدة ساعة

 

لقد نزح معظم سكان غزة من منازلهم في البداية أثناء فصل الشتاء، ولكن بسبب حظر إسرائيل دخول الملابس، أصبحت الملابس الصيفية والأحذية نادرة، ويبذل الناس قصارى جهدهم لإعادة استخدام أو تحويل ما تبقى لديهم من أشياء.

 

 وقال أحد النازحين، إن بعض الفلسطينيين في غزة "يؤجرون حتى النعال لمدة ساعة أو ساعتين بأقل من دولار واحد"، وبقدر ما قد تبدو هذه القصص مضحكة، فإنها تتحدث كثيرًا عن الواقع الذي يواجهه سكان غزة، المحرومون حتى من أبسط الضروريات - ويفعلون كل ما في وسعهم لإعالة أنفسهم وأسرهم.   

 

معاناة المرضى 

 

وقال أحد الفلسطنيين الذي يعيش خارج عزة يدعي يوسف الجمل  إن إحدى أصعب اللحظات التي عاشها  خلال الأشهر العشرة الماضية عندما توفي والده في شهر مايو الماضي. 

 

وكان يعاني من مشاكل مزمنة في سكر الدم وضغط الدم، كما أصيب بسكتات دماغية متعددة ــ وهو ما أدى مؤخراً إلى تشخيص حالته بمتلازمة ديجيرين روسي. ولم أتمكن من إرسال الدواء اللازم له إلا عبر وفد دولي دخل غزة. 

 

شعر والده بأن حياته شارفت على الانتهاء، فرفض مغادرة غزة، وفي النهاية أصيب بجلطة دماغية أودت بحياته، قضيت ساعات طويلة على الهاتف محاولاً إنقاذ حياته، ولكن مع نقص الأدوية في القطاع، لم ننجح في النهاية.

 

ومن المؤسف أن حالة والده لم تكن فريدة من نوعها بين آلاف الفلسطينيين المصابين بأمراض مزمنة أو مميتة في غزة، والذين ناضلوا طويلاً من أجل الحصول على الرعاية المناسبة في ظل الحصار الإسرائيلي.

 

 و فقد العديد من مرضى السرطان، على وجه الخصوص، حياتهم على مر السنين وهم ينتظرون التصاريح الإسرائيلية لمغادرة القطاع، ويحصل بعض المرضى على تصاريح لجلسة علاج كيميائي واحدة، ولكن لا يحصلون على أي متابعة. 

كما ابتز الجيش مرضى السرطان، وعرض عليهم التصاريح الطبية فقط إذا وافقوا على التعاون مع الاستخبارات الإسرائيلية.

دفن الشهداء في قبور قديمة 

 

وحتى موتى غزة محرومون من الاحترام والكرامة التي توفرها لهم مراسم الدفن اللائقة. فقد قُتل العديد من الفلسطينيين نتيجة للهجمات الإسرائيلية ـ حيث بلغ عدد القتلى وفقاً لوزارة الصحة في غزة نحو 40 ألف قتيل، فضلاً عن عشرة آلاف آخرين يُعتقد أنهم ما زالوا تحت أنقاض منازلهم ـ إلى الحد الذي اضطر معه أهاليهم إلى دفنهم في مقابر جماعية، أو نبش قبور أفراد عائلاتهم الذين ماتوا قبلهم ودفن الشهداء الجدد في نفس المكان.  

الإبادة الجماعية

لا ينبغي لأحد أن يعيش على هذا النحو.  فإن سكان غزة  في حاجة ماسة إلى تحرك أميركي ودولي لوقف الإبادة الجماعية، كل يوم يستيقظ الفلسطينيون ويخلدون إلى النوم على أنباء الموت. أصبح صوت القنابل والطائرات بدون طيار هو الموسيقى التصويرية لحياتهم. يقضي سكان غزة كل ساعة من ساعات اليقظة وهم يتساءلون: متى سينتهي هذا الكابوس؟