الخميس 19 سبتمبر 2024 الموافق 16 ربيع الأول 1446
رئيس التحرير
حازم عادل
عربى ودولى

جدها أول من شرع للاستيطان.. حفيدة إسحاق رابين تغادر إسرائيل بسبب استمرار الحرب

"عودة إلى التيه من جديد" .. تقرير يرصد تزايد الهجرة من تل أبيب منذ اندلاع حرب غزة

الخميس 12/سبتمبر/2024 - 11:54 ص
حفيدة اسحاق رابين
حفيدة اسحاق رابين

عندما يدور التاريخ مرة آخرى، والمشهد يتبدل تماما،  فقد جاءوا حفاه لميناء يافا ، واليوم يفروا من فلسطين خوفا من الطوفان، هكذا  تتزايد أعداد اليهود الذين يغادرون إسرائيل منذ إندلاع الحرب في 7 أكتوبر 2023 بحثا عن أماكن أكثر أمانا وكأنها “عودة إلى التيه والشتات من جديد” .

 

كان اسحاق رابين أحد الرموز الصهيونية حتى أن دوره برز في الأدب والثقافة العبرية  فكان  بمثابة العمود الفقري لجيش الاحتلال الاسرائيلي ، كما أنه ساعد في زرع نواة المجتمع الاسرائيلي ، حيث  استقبل 100 ألف مهاجر يهودي ، واليوم تغادر للأبد حفيدته نوعا روثمان وعائلتها من  اسرائيل للعيش في ولاية نيويورك الأمريكية   موجهة انتقادها لدولة الاحتلال قائلة: “الطقس هنا أيضا أكثر إنسانية وليس الناس فقط”، كما عبرت عبر منصة "انستغرام": "ليس لدي منزل آخر ولن أعتذر لذلك".

 

و يُعد اساحق رابين من أبرز الشخصيات الإسرائيلية وأحد أهم متخذي القرارات في الشؤون الخارجية، العسكرية والأمنية في إسرائيل، وهو خامس رئيس وزراء إسرائيلي تقلّد هذا المنصب في فترتين؛ الأولى من 1974 إلى 1977 والثانية من 1992 انتهت بإطلاق الرصاص عليه ومقتله في 4 تشرين الثاني  1995 على يد قاتل يهودي اسمه إيجال عامير، ليصبح رابين رئيس الوزراء الإسرائيلي الوحيد الذي يقضي اغتيالاً، ويعد رابين من أشهر رجالات البالماخ المتفرعة من الهاجاناه العسكرية.

 

 

وكشفت صحيفة هأرتس العبرية عن تزايد ملحوظ في عدد اليهود الذين يغادرون إسرائيل منذ اندلاع الحرب في 7 أكتوبر 2023، وفي تقرير نُشر تحت عنوان "في إسرائيل وخارجها: اليهود يغادرون منازلهم بحثا عن أماكن أكثر أمانا"، عرضت الصحيفة قصصا لأشخاص تركوا دولة الاحتلال؛ إما بسبب الحرب أو بسبب تراجع الديمقراطية، ومن بين هؤلاء، "إيما توكتالي"، التي لم تفكر سابقا بمغادرة إسرائيل. لكن في أغسطس الماضي، قامت هي وزوجها ببيع جميع ممتلكاتهما، واستأجرا شقة في تايلاند قبل أن ينتقلا مع طفليهما للعيش هناك.

ووفقا لـ”هآرتس”، فإن الزوجين "لا يعرفان أين سيستقران في المستقبل، ولا ما إذا كانا سيعودان إلى إسرائيل من عدمه".

أما درور سدوت (29 عاما)، فغادرت إلى العاصمة الألمانية برلين مع شريكها في نوفمبر وتعتبر أن الانتخابات الأخيرة والاحتجاجات ضد الانقلاب القضائي شكلت "نقطة الانهيار" بالنسبة لها.

وتقول "سدوت" للصحيفة: "الجميع تظاهر دفاعا عن الديمقراطية دون التطرق إلى الاحتلال. القضايا التي كانت جوهرية لدى اليسار تم تهميشها، والحرب سرعت هذه العملية". وتضيف: “لا أعرف ما سيحدث مستقبلا، لكن إسرائيل لم تعد بيتي الآن”.

وشهد العام الماضي، قبل اندلاع العدوان على غزة، مظاهرات حاشدة في دولة الاحتلال احتجاجا على خطة “إصلاح القضاء” التي دفعت بها حكومة بنيامين نتنياهو، والتي تهدف إلى تقليص دور السلطة القضائية لصالح السلطتين التشريعية والتنفيذية، وهو ما وصفته المعارضة بـ”الانقلاب السلطوي”.

وذكرت الصحيفة أنه "منذ 7 أكتوبر، غادر عشرات الآلاف من اليهود إسرائيل بحثا عن وطن جديد، على أمل أن يكون أكثر أمانا".

وأوضحت الصحيفة أن الدوافع تتنوع بين الخوف من الحرب، انهيار الديمقراطية، معارضة الحكومة، ارتفاع تكاليف المعيشة، أو الخوف من معاداة السامية. وأشارت إلى أن يهود القرن الحادي والعشرين قد يعودون إلى حالة التيه مجددا.

ويقول إيلان رابيفو (50 عاما) من مدينة "رمات هشارون" وسط فلسطين المحتلة، والذي يدير شركة أسسها والده في أواخر الثمانينات في مجال النقل، لتوفير خدمات النقل وإعادة التوطين لليهود الفرنسيين: "في البداية كان الاتجاه واحدا: إلى إسرائيل"، ولاحقًا في التسعينيات، بدأت الشركة في تقديم خدمات البحث عن شقق ومساكن بالخارج لليهود الراغبين في مغادرة إسرائيل، إضافة إلى المساعدة في البحث عن مدارس وإصدار التأشيرات.

يضيف رابيفو: "لقد غادر الناس دائمًا، لكن منذ بدء خطوات الإصلاح القضائي شهدنا زيادة كبيرة في هذا الاتجاه، وازداد الأمر وضوحًا منذ 7 أكتوبر (تاريخ بدء الحرب على غزة)”.

 

وأوضح أنه قبل بضعة أسابيع، قامت شركته بنقل عائلة كبيرة من مدينة كريات موتسكين شمالي إسرائيل إلى إسبانيا، شملت ثلاث أجيال: آباء مسنين، أبناء، وأحفاد. وعبّرت العائلة عن استيائها من الحياة في إسرائيل بسبب التدهور السياسي والاقتصادي، وشعرت بأن البلاد لم تعد مناسبة للعلمانيين الليبراليين، وأن الأمور قد تزداد سوءا.

 

وذكر رابيفو أن هناك زيادة ملحوظة في طلبات المساعدة لإعادة توطين المهاجرين من إسرائيل، حيث تشمل هذه الطلبات العديد من العائلات الشابة، خاصة من سكان وسط البلاد وبعض الأشخاص الذين تم إجلاؤهم من الشمال نتيجة الحرب مع “حزب الله”.

 

وأضاف: “ساعدت الشركة مجموعة من 30 عائلة، تضم أكثر من 100 شخص، على الانتقال إلى مدينة سالونيك في شمال اليونان”. ويشير إلى أن شركته تتلقى العديد من الاستفسارات من إسرائيليين يمتلكون جوازات سفر أجنبية ويفكرون في المغادرة، لكنهم لم يتخذوا قرارهم النهائي بعد.
 

 

الواقع الذي يصفه الاسرائيليين الذين يهاجروا من اسرائيل، يتجلى أيضا في البيانات الأخيرة الصادرة عن دائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية (رسمية)، والتي تكشف عن مغادرة عشرات الآلاف من الإسرائيليين البلاد خلال السنوات الأخيرة. ووفقا للبيانات، غادر 42 ألفا و185 إسرائيليا بين أكتوبر/ 2023 ومارس/ 2024، ولم يعودوا حتى يوليو/ ، بزيادة قدرها 12 بالمئة مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق.

 

أما في أكتوبر 2023، مع اندلاع الحرب، فشهدت الهجرة قفزة دراماتيكية؛ حيث غادر 12 ألفا و300 إسرائيليا ولم يعودوا بعد؛ ما يمثل زيادة بنسبة 400 بالمئة مقارنة بأكتوبر 2022.

وبحسب المحامي ليام شوارتز، رئيس قسم إعادة التوطين في شركة إسرائيلية، شهد مكتبه منذ اندلاع الحرب زيادة بنسبة تقارب 40 بالمئة في الطلبات المقدمة للحصول على المساعدة في إصدار تأشيرات إعادة التوطين في الولايات المتحدة، خاصة من موظفي الشركات التجارية.

وقال شوارتز، لصحيفة /هآرتس/ العبرية: "هناك شركات تعمل في مجالات الإلكترونيات والتكنولوجيا الفائقة تغادر إسرائيل نظرًا للاعتبارات الأمنية. يدركون أنه إذا اندلعت الحرب في الشمال أيضًا، سيتعين عليهم نقل أقسام كاملة”.


وأضاف: “شركات أخرى تتعرض لضغوط متزايدة من موظفيها الذين يرغبون في الانتقال إلى الخارج ولا يرغبون في العودة”. وأوضح شوارتز أن مكتبه تلقى عشرات الطلبات من موظفين على مستويات وظيفية مختلفة يسعون للإقامة في الولايات المتحدة، حيث تعامل المكتب مع مئات طلبات النقل منذ أكتوبر، وهو أعلى رقم شهده منذ سنوات.

 

من جانبه، ذكر آشر توريئيل، المحاسب المتخصص في ضرائب الهجرة بدولة الاحتلال، أن العديد من الإسرائيليين بدؤوا منذ أكتوبر في طلب المشورة بشأن تحويل أموالهم إلى الخارج، بما في ذلك صناديق الاستثمار والمعاشات التقاعدية، مؤكدا أن “التغيير ملحوظ للغاية”.

 

ويواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي منذ 341 يوما، عدوانه على قطاع غزة، بمساندة أمريكية وأوروبية، حيث تقصف طائراته محيط المستشفيات والبنايات والأبراج ومنازل المدنيين الفلسطينيين وتدمرها فوق رؤوس ساكنيها، ويمنع دخول الماء والغذاء والدواء والوقود.

وأدى العدوان المستمر للاحتلال على غزة إلى استشهاد أكثر من 41 ألفا و84 شهيدا، وإصابة 95 ألفا و29 آخرين، ونزوح 90% من سكان القطاع، بحسب بيانات منظمة الأمم المتحدة.