الجمعة 27 سبتمبر 2024 الموافق 24 ربيع الأول 1446
رئيس التحرير
حازم عادل
عربى ودولى

جهود دولية لوقف "مؤقت" لإطلاق النار.. ماذا يحدث بين إسرائيل وحزب الله فى لبنان

الخميس 26/سبتمبر/2024 - 11:16 ص
جيش الاحتلال
جيش الاحتلال

بخطى متسارعة تتجه منطقة الشرق الأوسط نحو المجهول، في ظل اتخاذ المواجهات العسكرية بين إسرائيل وحزب الله اللبناني منحى خطيرا، بعدما استهدف الأخير مقرا للموساد بالقرب من تل أبيب بصاروخ باليستي، واستعداد إسرائيل لشن عملية برية في لبنان.

 

فبعدما علق الجيش الإسرائيلي، على صاروخ "قادر1" الذي أطلقه حزب الله بالقول إنها "المرة الأولى على الإطلاق" التي تصل فيها صواريخ حزب الله إلى ضواحي تل أبيب، كشف عن استدعاء لواءين إضافيين من قوات الاحتياط "لتنفيذ مهام عملياتية على جبهة الشمال"، وسط حديث لقائد المنطقة الشمالية عن بدء مرحلة جديدة في العملية التي سماها الجيش "سهام الشمال".

 

تطورات يفهم معها حجم التحذيرات الدولية المتوالية من مغبة تفجر الأوضاع في المنطقة والوصول إلى نقطة اللاعودة، إلا أنها ترافقت مع حديث هنا وتصريح هناك عن مساع دبلوماسية لاحتواء الموقف والحيلولة دون خروج الأمور عن السيطرة.

 

وفي هذا السياق، جاء النداء المشترك لمجموعة من الدول، بما في ذلك الولايات المتحدة وفرنسا، إلى "وقف فوري لإطلاق النار" على الحدود بين إسرائيل ولبنان، حسبما كشف بيان مشترك صدر عن البيت الأبيض.

 

وحدد البيان، الذي وقعت عليه أيضا أستراليا وكندا وألمانيا وإيطاليا واليابان والسعودية والإمارات وقطر والاتحاد الأوروبي، إطارا زمنيا لوقف إطلاق النار عبر الحدود اللبنانية الإسرائيلية مدته 21 يوما، بهدف إفساح المجال أمام الدبلوماسية لإيجاد صيغة للتسوية.

 

وقال البيان: "ندعو جميع الأطراف، بما في ذلك حكومتا إسرائيل ولبنان، إلى تأييد وقف إطلاق النار المؤقت على الفور... ومنح فرصة حقيقية لتسوية دبلوماسية".

 

ووصف البيان الوضع بين لبنان وإسرائيل بأنه "غير مقبول"، مشيرا إلى أنه "يمثل خطرا غير مقبول من تصعيد إقليمي أوسع".

 

وفي بيان منفصل، دعا الرئيس الأمريكي جو بايدن ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى تسوية على الحدود "تضمن السلامة والأمن لتمكين المدنيين من العودة إلى منازلهم".

 

وأوضح الرئيسان أنهما "عملا معا في الأيام الماضية على دعوة مشتركة لوقف إطلاق نار مؤقت لإعطاء فرصة لنجاح الدبلوماسية وتجنب المزيد من التصعيد عبر الحدود".


ويصر العديد من المسؤولين الأمريكيين وفي مقدمتهم الرئيس جو بايدن ووزير خارجيته أنتوني بلينكن على أن فرصة وقف التصعيد ومنع اندلاع حرب إقليمية واسعة لا تزال قائمة، وإن كان بايدن لم يستبعد في الوقت نفسه خلال مقابلة تلفزيونية على شبكة (إيه بي سي) فرضية اندلاع حرب شاملة.

 

إلا أن البعض ينظر لنجاح مثل هذه التحركات بعين الشك، لاسيما وأنها تتشابه إلى حد كبير مع مثيلتها في الأيام الأولى لحرب غزة والتوغل البري الإسرائيلي في القطاع، رغم التحذيرات الدولية من عواقبه وما تلاه أيضا من اقتحام مدينة رفح على الرغم من الرفض الدولي والمخاوف بشأن حياة مئات الآلاف من الفلسطينيين الذين تكدسوا هناك.

 

في الأثناء، نفت وزارة الدفاع الأمريكية تقديم الجيش الأمريكي دعما استخباراتيا لإسرائيل في عملياتها في لبنان، مستبعدة أن يكون هناك توغل بري إسرائيلي "وشيك" على ما يبدو، لكن لم يفت الوزارة بطبيعة الحال أن تكرر التأكيد على "حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها"، وهو ما فسره محللون بأنه ضوء أخضر لتل أبيب للمضي قدما في عمليتها البرية.

 

ويستدعي هنا محللون الموقف الأمريكي حيال الحرب في غزة، والذي يراه البعض متناقضا بعض الشيء، فبينما تتوالى التصريحات على مدار أشهر عن مساع لوقف الحرب وإطلاق سراح الرهائن والمحتجزين، تدعم واشنطن تل أبيب بالأسلحة اللازمة لمواصلة القتال، وهو ما يتكرر الآن عبر تحريك بعض البوارج الحربية إلى المنطقة ودعم بالسلاح لإسرائيل، وكأن سيناريو الوضع في قطاع غزة يعيد نفسه مع لبنان.

 

ولا يقتصر الأمر على الولايات المتحدة فحسب، فالمراقب للأوضاع، لا يحتاج إلى ذاكرة قوية للربط بين ما شهدته أروقة مجلس الأمن الليلة الماضية، وما حدث على مدار عام كامل، فالدعوات لاحتواء التصعيد والتحذير من حرب إقليمية أوسع كانت القاسم المشترك للمتحدثين في جلسة طارئة للمجلس، لكنها لا تعدو كونها مجرد محاولات دبلوماسية، لم تؤت ثمارها مع الحالة الأولى، ويبدو أنها لن تجدي نفعا في الثانية، بحسب مراقبين، وربما يستند هؤلاء المراقبون في رؤيتهم إلى المستجدات على الأرض، عاقدين مقارنة بين ما حدث بعد السابع من تشرين الأول/أكتوبر وإعلان إسرائيل الحرب على الحركات المسلحة في قطاع غزة، وما يجري الآن في لبنان.

 

وحددت إسرائيل عدة أهداف للحرب، أبرزها القضاء على حركة حماس وضمان أنها لن تشكل تهديدا مستقبليا لها وإعادة الرهائن من غزة، وأضافت لها هدفا آخر، هو عودة سكان الشمال إلى منازلهم التي هجروها بسبب الحرب بأمان. وبعد أشهر من المناوشات المستمرة مع حزب الله، أعلنت تل أبيب نقل مركز ثقل عملياتها صوب هذا الشمال، مع تكثيف لعملياتها ضد حزب الله بهدف القضاء على ما يمثله من "تهديد"، وإعادة نحو 60 ألفا إلى منازلهم التي تركوها بسبب الحرب.

 

ويظل الشاهد الوحيد على الأرض هو أن المواجهات بين إسرائيل وحزب الله تخرج رويدا رويدا عن نطاقها المعتاد طيلة الأشهر الماضية، لتمتد على بقعة جغرافية أكبر، ما يشي بأن ما أطلق عليه الحرب الثالثة بين الطرفين باتت واقعا، وأن على المنطقة أن تتهيأ فقط لتبعاتها.