باحث أمريكي: التعاون الجديد بين روسيا وكوريا الشمالية يشير لتحالف يتطور
وقعت روسيا وكوريا الشمالية في شهر يونيو الماضي، معاهدة شاملة للشراكة الاستراتيجية.
ويرى الباحث بروس بينيت، أنه بالنسبة لبعض المراقبين الغربيين، يبدو هذا تحالفا مثل التحالف الثنائي بين الولايات المتحدة، وكوريا الجنوبية، أو حتى حلف شمال الأطلسي (ناتو).
علاقات روسيا وكوريا الشمالية
غير أن تاريخ العلاقات بين روسيا وكوريا الشمالية، يجعل من المرجح أن يكون هذا زواج مصلحة، أو حتى زواج اليأس، ومن المؤكد أنه تحالف مناهض للولايات المتحدة، ولكن من المحتمل أن يكون أكثر هشاشة مما قد يتوقع المرء.
وقال "بينيت"، وهو باحث بارز في الشؤون الدولية والدفاعية في مؤسسة راند، ويركز بشكل أساسي على مواضيع بحثية مثل الاستراتيجية، وتخطيط القوات، ومكافحة الانتشار ضمن برنامج سياسة الأمن والدفاع الدولية، في المؤسسة في تقرير نشرته مجلة ناشونال انترست الأمريكية، إنه بناء على ذلك، فإن من الصعب التكهن على وجه الدقة بالكيفية التي سوف تتطور بها هذه العلاقة.
علاقات روسيا وكوريا الشمالية تضر بهدف بكين بفرض الهيمنة الإقليمية
ولكن الصين، ترى أن العلاقات بين روسيا وكوريا الشمالية، تضر بهدف بكين بفرض الهيمنة الإقليمية، إن لم تكن الهيمنة العالمية، ولذا فإنه بمجرد أن ينضب مخزون كوريا الشمالية من المدفعية والصواريخ، ولن يكون لدى البلاد ما تقدمه لروسيا وربما تقرر الأخيرة أن من الأفضل التأكيد على علاقاتها مع الصين، وليس على علاقتها مع كوريا الشمالية.
ورغم أن النظام الكوري الشمالي، أكثر صراحة في الحديث عن مواجهة هجمات من الولايات المتحدة، وكوريا الجنوبية، لن تحقق الولايات المتحدة، وكوريا الجنوبية، أي مكاسب من غزو الشمال، وسوف تدفعان تكاليف باهظة في القيام بذلك بالنظر إلى التداعيات الكارثية لغزو دولة تمتلك أسلحة نووية.
كوريا الشمالية تواجه تهديدات بالغزو من الولايات المتحدة
ويقول نظام "كيم"، إن كوريا الشمالية تواجه تهديدات خطيرة بالغزو من جانب الولايات المتحدة، وكوريا الجنوبية، وذلك بهدف صرف الأنظار عن إخفاقاته، ولتبرير الإنفاق العسكري الضخم على القوات التي يعتزم استخدامها للضغط الجنوب وتحقيق الهيمنة عليه في نهاية المطاف.
وبالتالي، فإن التهديد الذي تواجهه روسيا، وكوريا الشمالية، داخلي وليس خارجيا.
ولم يكن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في حاجة لغزو أوكرانيا، ولكنه أختار القيام بذلك على أية حال.
وينتابه قلق بأنه إذا فشل الغزو، فإنه لن ينجو سياسيا من استياء شعبه ونخبته.
ويخشي الزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون فيما يبدو من أنه إذا لم يبدو قويا ويقدم مزيدا من السلع والبضائع لشعبه ،فإن هذا النظام لن يكتب له البقاء.
وخلال الحرب الباردة، كان زعيم كوريا الشمالية آنذاك كيم إيل سونج في حاجة إلى مساعدة خارجية لكي تظل كوريا الشمالية باقية . وبمرور الوقت، لجأ في نهاية المطاف إلى تأليب الاتحاد السوفيتي والصين ضد بعضهما البعض، حيث كان يطلب مساعدة من إحداهما ثم يستخدم تلك المساعدات لانتزاع مساعدة من الأخرى . وكان الاتحاد السوفيتي والصين يسعيان لبسط الهيمنة الإقليمية، وبالتالي سمحت الدولتان بأن تستغلهما كوريا الشمالية.
روسيا والصين تسعيان لبسط الهيمنة الإقليمية
وأضاف "بينيت"، أن روسيا والصين تسعيان مرة أخرى لبسط الهيمنة الإقليمية . وحددت الصين بصفة خاصة تحقيق هدف الهيمنة الإقليمية إن لم تكن الهيمنة العالمية بحلول عام 2049،وتعمل على نحو دؤوب لتحقيق هذا الهدف من خلال وسائل اقتصادية وعسكرية ووسائل أخرى.
ونظرا للاختلافات في أهداف روسيا والصين وكوريا الشمالية، يتعين على الولايات المتحدة، أن تطلق عمليات معلوماتية كبيرة ضد هذه الدول الثلاث لتسليط الضوء على الخلافات بينها وتؤجج عدم الثقة فيما بينها، وسيؤدي القيام بعمل ذلك إلى زيادة احتمال تفكيك الأرتباط بين بعض عناصر الشراكة بينهم. وتبدو بعض الأمثلة بشأن عمليات معلوماتية محتملة واضحة .
وبالنسبة للصين، فمن المهم الإعلان بشكل علني أن الصين تسعى للهيمنة في جنوب شرق آسيا، والتوسع فيما ورائها، ويتعين على الولايات المتحدة أن تجذب الانتباه إلى الكيفية التي يتحدى بها تعاون كوريا الشمالية الوثيق مع روسيا الهيمنة الصينية، مما يثير استياء الصين.
وإضافة إلى ذلك، تهدد كوريا الشمالية، بانتظام باستخدام الأسلحة النووية، ما يمكن أن يشعل حربا نووية في المنطقة، ومن المرجح أن يكون هذا هو السبب وراء تصريح الرئيس الصيني شي جين بينج، بأنه لن يسمح بنشوب حرب أو حدوث فوضى في شبه الجزيرة الكورية.
ويقول "بينيت"، إنه يمكن أن تكون العمليات الإعلامية بمثابة توعية للقادة والشعب الصيني بهذه التهديدات، مما يدفع الصين إلى الضغط على كوريا الشمالية للحد من إنتاجها للأسلحة النووية واستفزازاتها وتهديداتها باستخدام الأسلحة النووية.
ومن المحتمل أيضا استخدام العمليات المعلوماتية ضد روسيا وكوريا الشمالية. وعلى سبيل المثال ، يمكن أن تخبر المواد الإعلامية الشعب الروسي بأن كوريا الشمالية أرسلت عددا كبيرا من المدفعية المتهالكة والذخائر البالية الأخرى إلى روسيا تتسبب في خسائر روسية.
وبينما من المحتمل أن تكون المواد الغذائية والموارد الاقتصادية التي تقدمها روسيا، قد جعلت النخب في كوريا الشمالية تشعر بالاطمئنان ، فإن وسائل الإعلام يمكنها أن توضح أن كوريا الشمالية تستنفد فيما يبدو إمداداتها المتاحة من الذخيرة بحيث من المرجح أن تتقلص المدفوعات الروسية لكوريا الشمالية بشكل كبير في العام المقبل.
وأضاف "بينيت"، أنه علاوة على ذلك ، يتعين على الولايات المتحدة أن تدرك أن المستشارين العسكريين الكوريين الشماليين يدعمون استخدام روسيا للإمدادات العسكرية الكورية الشمالية في المناطق المحتلة في أوكرانيا . ومن المحتمل أن يكون النظام الكوري الشمالي قد أرسل فقط أفرادا من النخب الكوريين الشماليين للقيام بمثل هذه المهام، خوفا من احتمال فرار الكوريين الشماليين الآخرين إلى الغرب.
وترددت تقارير بأن ستة ضباط من هذه المجموعة لقوا حتفهم في المناطق التي تحتلها روسيا في أوكرانيا، وهذه رسالة من المرجح أنها سوف تثير غضب عائلاتهم في بيونج يانج وبالتالي يتعين بث ذلك إذاعيا إيضا إلى كوريا الشمالية.
وتابع "بينيت"، أنه من المرجح ألا يكون العسكريون الكوريون الشماليون الذين يدعمون الجيش الروسي في الاستيلاء على الأراضي الأوكرانية من العناصر الجيدة جدا، وربما تجعل المعاملة الروسية للكثير من هؤلاء الجنود الكوريين الشماليين، الذين لديهم استعداد لتقبل العمليات النفسية ضد النظام الكوري الشمالي، فرصة لا يتعين إهدارها.
واختتم "بينيت"، تقريره بالقول إن هذا التعاون الجديد بين روسيا وكوريا الشمالية، يشير بالكاد إلى تحالف يتطور على المدى الطويل ويمكن أن تساعد الحملات المعلوماتية الأمريكية في تسريع وتيرة زواله.