الشيخ شهاب الدين الأزهري: العارف بالله الحق لا يتباهى بعبادته
أكد الشيخ شهاب الأزهري، من علماء وزارة الأوقاف، في حديثه عن التصوف وأهل الطريق الصوفي على أن التصوف السليم ينبع من الكتاب والسنة، ويجب أن يكون ملتزمًا بهما في جميع أوجهه، مشيرا إلى شخصية الإمام الجنيد بن محمد، الذي وصفه بأنه "سيد هذه الطائفة وأعلام التصوف"، لما له من مكانة عظيمة في التاريخ الإسلامي.
الإمام الجنيد بن محمد وُلِد في العراق من أكبر الأعلام في تاريخ الإسلام
وأوضح الشيخ شهاب الأزهري، خلال حلقة برنامج "حياة الصالحين"، المذاع على قناة الناس، اليوم الخميس: "الإمام الجنيد بن محمد، الذي وُلِد في العراق، هو أحد كبار أئمة التصوف ومن أكبر الأعلام في تاريخ الإسلام. كان أستاذًا في علم التصوف ومنهجه قائم على الجمع بين العلم والعمل الصادق، الإمام الجنيد اجتمع على محبته وتقديره جميع العلماء والعارفين بالله، فهو ليس فقط إمامًا في العلم، بل أيضًا في الوعظ والتوجيه الروحي."
وأشار الشيخ شهاب الدين إلى أن الإمام الجنيد كان يتسم بالزهد في الدنيا والحرص على الأخلاق العالية، فقد كان يعكف على العبادة ويكثر من الأوراد والصلوات، مضيفا: "كان الجنيد كثير الصلاة والذكر، وكان يحرص على إخفاء عبادته حتى في حياته اليومية، كان يذهب إلى السوق فيصلي 400 ركعة يوميًا، ولكنه كان يخفيها عن الناس حتى لا يشهر بها أو يظهرها للعيون".
يجب على الإنسان أن يكون حرًا
وأكمل الشيخ الأزهري: "الإمام الجنيد كان يُعلمنا أن التصوف لا يعني الانقطاع عن الدنيا بل يعني البُعد عن التعلق بها، يجب على السالك أن يأخذ من الدنيا ما هو ضروري فقط، وأن يقطع عادات وأمور الدنيا التي تجعله عبدًا لها، بمعنى آخر، يجب على الإنسان أن يكون حرًا من كل ما يعوقه عن عبادة الله، وأن يكون شغله الشاغل هو الإخلاص في عباداته."
كما استعرض الشيخ شهاب الدين أقوال الإمام الجنيد التي تناولت مفهوم "العارف بالله"، حيث قال الجنيد: "العارف بالله هو الذي يقرأ سرَّك دون أن تتحدث، الإمام الجنيد كان يعتقد أن العارف هو الذي يحس بما في قلبك دون أن تتكلم، هذه تجربة نعرفها جميعًا، فقد قابلنا صلحاء كانوا يطلعون على أسرارنا بدون أن نتكلم."
وأضاف الشيخ شهاب الدين الأزهري أن الإمام الجنيد كان يولي اهتمامًا خاصًا بالمشايخ وأساتذة الطريق الصوفي، مؤكدًا أن الطرق التي يتبعها الصوفيون يجب أن تكون قائمة على علم الكتاب والسنة، وقال: "إن التصوف السليم لا يتناقض مع الشريعة الإسلامية، بل يرفع من شأنها ويعظم من أثرها في حياة الناس. الجنيد كان يعتقد أن العمل الصالح لا يُقاس بالمدة أو بالعزلة، بل بالنية والإخلاص لله."