محمد الكحلاوي.. مداح النبي الذي أوصي إبنته عبله الكحلاوي بالباقيات الصالحات
السبت 30/يناير/2021 - 07:19 م
لم يكن مجرد مطربا من المطربين الكبار في فترة الأربعينات من القرن الماضي بل هو أحد أهم من قدم لنا الأغنية الدينية وجعلنا نحبها ونتغني بها مثل أغاني أم كلثوم وعبد الحليم حافظ العاطفية ، هكذا عرفناه وأحبناه ورددنا معاه هذه الأساطير من الأغاني الدينية الخاصة بمدح رسول الله صلى الله عليه وسلم .
جميع مطربين ومطربات العالم العربي غنوا و أبدعوا في الغناء الديني ولكن يظل محمد الكحلاوي منفرداً دون غيره في هذا الغناء.
محمد مرسي عبد اللطيف الكحلاوي، ولد عام 1912 يتيماً أمه ماتت أثناء ولدته ثم أبيه بعد سنوات قليلة و رباه خاله الذي كان من كبار المنشدين و حب علي يده الغناء و الإنشاد الديني و صاحبه في كل حفلاته .
عمل موظفاً في السكة الحديد و إنضم لفريق كرة القدم السكة الحديد حتي أصبح لاعباً مهما في فريق السكة الحديد و لكن عشقه للفن غلبه فسرعان ما ترك الوظيفة و الكرة و إتجه لفرقة عكاشة الذي سافر معها ربوع الشام وظل فيها ثماني سنوات يتعلم الغناء البدوي و عاد معه مبلغ 38 ألف جنيه و كان هذا المبلغ ثروة طائلة .
فإتجه لتأسيس شركة إنتاج و سماها
" أفلام القبيلة "
و أنتج اكثر من 15 فيلم سينمائي كان منها ..
{ رابحه و بنت البادية و أحكام العرب }
إلي جانب أفلام كانت تكتب له خصيصاً خاصة بعد ما ذاع صيته في ربوع الشام فوقف يغني فقط في فيلم " عايدة " رغم أن الفيلم بطولة كوكب الشرق أم كلثوم ومع المغني ذائع الصيت ابراهيم حمودة ولكن بسبب شهرته كان وجوده في الفيلم له أهمية كبيرة ..
ثم أفلام تعد من أهم أفلام الغناء الخفيفة في ذلك الوقت مثل
" طاقية الإخفاء " مع تحية كاريوكا
" الصبر جميل " مع شادية
" أسير العيون " مع ليلي فوزي
" مبروك عليكي " مع نور الهدي
" كابتن مصر " مع زهرة العلا
" المغني المجهول " مع أميرة أمير
و " حسن و حسن " مع حوريه محمد
و " أنا و أنت " مع هاجر حمدي
وكان آخر أفلامه فيلم
" خليك مع الله " مع إسماعيل ياسين و زينات صدقي والمخرج حلمي رفله
قدم الكحلاوي الأوبريت الغنائي و تميًز فيه فقدم أوبريتات دينية في سابقة غنائية لم تحدث من قبل
أوبريتات ...
" سيرة محمد "
" قصة إبراهيم الخليل "
" قصة المسيح عيسى بن مريم و أمه السيدة العذراء مريم "
وقدم الكحلاوي جميع ألوان الغناء و برع فيه عاطفي أو وطني أو شعبي و بدوي
وكان منفرداً لا ينافس أحد و لا ينافسه أحد فالكل أحبابه و أصدقاءه من الكبير حتي الصغير و كان يقف معهم في أفراحهم و أحزانهم فعندما عاد أنور وجدي متوفياً في الخارج ملفوفاً بقطعة شاش أعاد الكحلاوي غسله و القيام علي صلاته و تشييع جنازته تبع للسنه النبوية الشريفة
نال الكحلاوي العديد من الجوائز و التكريم من مختلف بلدان العالم العربي مصر منحته جائزة الدولة التقديرية و المغرب وسام الملك محمد الخامس
وكان الكحلاوي يساير الأحداث والمواقف الإنسانية لذا فحين بدأت حرب 48 وهجرة اليهود وأحدقت المخاطر بفلسطين كان أول من نادى بالوحدة وأنشد العديد من الأغاني الوطنية باللهجة العربية البدوية ومن هذه الأغاني
"على المجد هيا يا رجال"
"وين يا عرب"
"خلي السيف يجول"
"كريم جواد"
"يا أمة الإسلام"
وغيرها... فنراه يشحذ الهمم قائلاً:
يا أمة التوحيد من كل فج بعيد
هبوا بعزم شديد ورجعوا اللي كان
يا أمة العربان
وفي انتصارات أكتوبر 1973 غنى:
على نورك قمنا وعدينا يا رسول الله
من بدري كتايب حوالينا كبروا لله
تفرغ الكحلاوي للغناء في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم، بعدما فقد القدرة على الكلام لفترة رأى شخصاً فى منامه يوقظه ويقول له: "سيعود صوتك ولكن لا تغنى إلا للرسول صلى الله عليه وسلم"، فاستيقظ ليجد صوته قد عاد وينذره لمدح الرسول فقط ويعيش ماتبقى يغني في حب النبي محمد صلى الله عليه وسلم فقط ليس إلا .
فقال الكحلاوي لن أمدح ملك و لا زعيم لن أمدح إلا النبي، حج الكحلاوي 40 مرة فلم يفوته عام وإلا وهو في الحج و كان يقوم بأعمال خيرية كثيرة منها إنشاء جمعية الكحلاوي لأعمال الخير، وعاش الكحلاوي في سنواته الأخيرة حياة حافلة بالإيمان و التقوي و العزلة عن الناس حتي عن أبناءه السبعه وبني مسجداً بإسمه عاش فيه في مدافن الإمام الشافعي ويعلو المسجد إستراحه له و بجواره مدفن له ، وعاش معتكفاً في هذا المسجد قائماً راكعاً ساجداً لله لا يفارقه مصحفه و لا مسبحته و دائم التأمل في ملكوت الله مع ذكر الله
حتي رحل في 5 أكتوبر عام 1982 بعد حياة حافلة بالفن الذي خدم المجتمع و الذي ساهم في حب و تعلق الناس بالغناء الديني أكثر من تعلقهم بالغناء العاطفي
وأوصي أبناءه و خاصةً إبنته الدكتورة عبله الكحلاوي بمواصلة ما عمله من أعمال الخير فهي الباقيات الصالحات
وبالفعل قامت إبنته الدكتورة عبله الكحلاوي بكل ما أوصي به أبيها بل و زادت عليه فهي أحد أهم الوجوه الدينية السمحه فهي أكبر و أهم داعية إسلامية في العالم الإسلامي و أحبها و إحترمها كل العالم و نشرت علوم الإسلام في كل مكان ذهبت إليه إلي جانب أعمال الخير التي قامت عليها بلا إنقطاع من خلال جمعية الباقيات الصالحات التي أطلقت ذلك الإسم عليها تيمناً من العبارة القرآنية الشريفة و أيضاً ما أوصاها به والدها، حتي رحلت عن عالمنا منذ بضعة أيام و حزن عليها الوطن العربي كله خاصةً العالم الإسلامي و نعاها شيخ الأزهر الشريف و المملكة العربية السعودية ومعظم دول العالم الإسلامي نظراً لما أسهمت به من علم و فقه و خير