رغم براعة القاتل المتكررة، والتركيز الشديد على عدم ترك أى أدلة ورائه إلا أن الصدفة تلعب الدليل القاطع فى بعض الأحيان لتنكشف الحقيقة بعد مرور أكثر من 5 سنوات.
4 جرائم قتل، وهم "زوجته وسيدتين وصديقه" وسلسلة من وقائع النصب والتزوير وانتحال الصفة، جرائم قام بها "قذافى فراج "، والشهير إعلاميا ب "سفاح الجيزة"، وخلال السطور القادمة نستعرض التسلسل الزمنى للقضية.
صدفة خير من ألف دليل
طوال 5 سنوات الماضية منذ اختفائه كانت أسرة المهندس رضا، تبحث عنه، وفى أحد الأيام، وصلت إلى المحامى معلومه بصدور حكم قضائى ضد رضا "المتغيب عن المنزل"، منذ 5 سنوات، وعندما ذهبت الأسرة إلى سجن الإستئناف بمحافظة الإسكندرية، لمقابلته، فوجئوا بشخص أخر وهو المتهم "قذافى فراج"، فقامت الأسرة على الفور بتقديم بلاغا للنائب العام للتحقيق فى الأمر.
"من جاور السّعيد يسعد، ومن جاور الحّداد ينحرق بِناره" .. حكمة تنطبق حقا على السفاح الذى نسي كل اللحظات السعيدة التى قضاها مع صديق طفولته.
كان رضا يعمل مهندسا فى إحدى دول الخليج وقام بعمل توكيل عام لقذافى فى مصر، حتى يستثمر أمواله فى سلسلة مكتبات، وعندما اكتشف رضا خيانة صديق العمر له، فقرر مواجهته وطالبه بأمواله، بكل هدوء أخبره قذافى أن خلافاتهم يمكن حلها وديا ودعاه لشقته فى بولاق الدكرور لتناول الطعام وحدث ماحدث، ليكون هو أول ضحاياه، أن قام بوضع السم له فى الطعام الذى يفضله وهو "الكشرى"، وقام بدفن جثته بشقة في بولاق الدكرور، بعد أن استولى على ماله، ولإبعاد شبهة الجريمة عن نفسه أرسل رسالة إلى أهل القتيل من هاتفه نصها "إلحقونى انا اتقبض علي"
من يقتل صديق عمره يفعل أى شئ أخر
"من يقتل صديق عمره يفعل أى شىء آخر"، وهذا حقا ماحدث، عندما قتل زوجته " فاطمة زكريا"، بوضع السم فى العصير، خوفا من أن تكشف أمره، وقام بإخفاء جثتها فى "ديب فريزر" فى شقتهما بمنطقة الهرم، وقام بنقلها بعد ذلك إلى شقته ببولاق الدكرور، ودفنها إلى جوار جثة صديقه.
وتمر الأيام ليقع قذافى فى علاقة غرامية مع أختها، التى جمعت بينهما علاقة قبل الزواج بشقيقتها، واستطاع أن يقنع أهلها أن زوجته الضحية الأولى، قد هربت مع مخرج إلى دبى لتعمل فى مجال التمثيل، ثم تزوج شقيقتها كما كان مخططًا له.
وعندما هددته بفضح علاقتهما معا، قرر التخلص منها بنفس الطريقة التى استخدمها مع أختها، ودفنها فى مقبرة شقة بولاق.
تزوير وانتحال الصفة
إجرام قذافى لم يقف عند هذا الحد بل زور أوراق ثبوتية بشخصية الصديق المقتول وعاش باسمه وأصبح المهندس رضا ثم سافر إلى الإسكندرية لبدء حياته الجديدة، وفتح هناك محل أدوات كهربائية.
وكانت تعمل لديه سيدة فى المحل، وبطريقته المعتادة أقنعها بحبه لها، وطلب منها 45 ألف جنيه، وبالفعل منحته المبلغ، وبعد فترة شعرت أنها مجرد لعبة فى يديه وطالبته بأموالها، أخبرها أنه أشترى بالمبلغ بضاعة، ويمكن الحصول علي تلك البضاعة إذا ذهبت إلى المخزن، وعندما ذهبت لنيل حقها، قتلها ودفنها أيضا.
ورغم براعة هذا السفاح فى ارتكاب الجرائم وعدم ترك أى أدلة خلفه تكشف هويته، إلا أنه سقط بعد سنوات فى قبضة أجهزة الأمن عن طريق المصادفة، فقد تزوج من دكتورة صيدلانية، وبعد فترة دخل فى خلافات معها وطلبت الطلاق فقرر سرقة فيلا والدها وبالفعل سرق منها ذهبا وأموالا وعندما تعقب الأمن السارق بالكاميرات، اتضح أنه زوج الابنة، ليتم القبض عليه والحكم بسجنه.
فى هذا الوقت كان أهل المهندس رضا يبحثون عنه، وقد ظهر اسمه أخيرًا على ذمة قضية سرقة فى الإسكندرية، وعندما ذهبوا لرؤيته اكتشفوا أنه صديق الطفولة "قذافى"، هو من انتحل اسمه وقتله، ومن هذا الوقت بدأت تفاصيل جرائم هذا القاتل المتسلسل تظهر أمام الجميع، وكأن صدفة خير من ألف دليل.
مفاجآت تكشفها السكرتيرة الخاصة
مفاجآت أخرى كشفتها سكرتيرة قذافى الذى تعرفت عليه بعد طلبه موظفة للعمل بشركة دعاية وإعلان كان يتملكها.
وقالت: "بعد فترة من العمل لاحظت أن لديه غرفة لا يسمح لأى شخص بدخولها، وذات يوم طلب منى إحضار سيدة لتنظيف مقر العمل، بعدها غادر وترك مفاتيحه ولم يعود".
"وحين عجزت عن الوصول له، قررت فتح الغرفة السرية للوصول إلى أى أوراق تساعدنى فى التعرف على محل إقامته لكنى فوجئت بدولاب يحتوى على 7 بطاقات مزيفة تحمل صورته، وقسائم زواج مزيفة".
"بعدها وجدت المتهم يتصل بى ويدعى غيابه لظروف خاصة به، وعندما واجهته بالحقيقة، طلب منى التكتم مقابل الحصول على 250 ألف، لكنى رفضت ثم تواصلت مع ضحاياه، وبعدها سلمنا الأوراق للنيابة".
وبمواجهة المتهم، بجمع المعلومات اعترف بكافة الجرائم التي ارتكبها.
وتسلمت النيابة برئاسة المستشار عبد العزيز عثمان رئيس نيابة الهرم تقارير الطب الشرعي حول الصفة التشريحية للمجني عليهم والتي كشفت عن أسباب الوفاة وطريقة مقتل الضحايا كما تسلمت النيابة نتائج تحاليل DNA المأخوذة من عظام الضحايا وتبين تطابقها جميعا مع عينات أسر الضحايا الذين تم استخراج رفاتهم وهياكلهم العظمية من شقتين في بولاق الدكرور، وصرحت النيابة بدفن المجني عليهم "رضا عبد اللطيف وفاطمة زكريا ونادين السيد وياسمين وتسلمهم ذويهم وقاموا بدفنهم بعد 5 سنوات من مقتلهم.
إحالة "سفاح الجيزة" إلى محكمة الجنايات
أمر المستشار حماده الصاوي النائب العام اليوم الاثنين بإحالة المتهم "قذافي فراج" إلى "محكمة الجنايات" في أربعة قضايا بدوائر الهرم وبولاق الدكرور بالقاهرة والمنتزه بالإسكندرية؛ لمعاقبته فيما نُسب إليه من قتله عمدًا أربعة -هم زوجته وسيدتان ورجل- مع سبق الإصرار خلال عامي 2015، 2017، وإخفائه جثامينهم بدفنها في مقابر أعدها لذلك.
وكانت "النيابة العامة" قد أقامت الدليل قِبَل المتهم في القضايا الأربعة من شهادة سبعة عشر شاهدًا، واعترافات المتهم في التحقيقات، واستخراج رفات جثامين المجني عليهم من الأماكن المدفونة بها، وما ثبت بتقارير الصفة التشريحية لتلك الجثامين وتطابق البصمات الوراثية المأخوذة منها مع مثيلتها المأخوذة من ذوي المجني عليهم، وما ثبت بتقارير "الإدارة العامة لتحقيق الأدلة الجنائية" بشأن فحص الآثار المرفوعة من أماكن استخراج الجثامين، فضلًا عن محاكاة المتهم لكيفية ارتكابه الوقائع الأربعة.