الجمعة 22 نوفمبر 2024 الموافق 20 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
حازم عادل
تحقيقات وتقارير

انزلاق الليرة .. الإقتصاد التركي يترنح وينهار نتيجة مغامرات إردوغان المتهورة بجبهات العالم الساخنة .. مغردون يرصدون لجوء الأتراك لحل مشاكلهم المدمرة عبر هاشتاج " إردوغان يحلب تميم قطر "

السبت 10/أكتوبر/2020 - 01:06 م
صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

كشف خبراء اقتصاديون أن الانهيار الذي يواجه الليرة التركية مقابل الدولار، فيما تواصل تراجعها أمام اليورو، سببه إنخراط أنقرة في عدد من الجبهات الساخنة في العالم .. وتساؤلوا عن قدرة الاقتصاد التركي على الصمود أكثر من ذلك .

 

ففي مواجهة الأنباء المقلقة من تركيا ، كان يُنظر إلى إصدار السندات بقيمة 2.5 مليار دولار على أنه نجاح هذا الأسبوع. نقلت وكالة بلومبرج عن متداولين قولهم إن أول سند منذ فبراير يظهر أن أنقرة لا تزال تتمتع بإمكانية الوصول إلى سوق رأس المال على الرغم من الانخفاض الكبير في قيمة الليرة مع انخفاضات جديدة . لكن هذا له سعره: عند 6.375 في المائة ، تزيد القسيمة بنقطتين مئويتين عن الإصدار الأخير. كان على المكسيك أن تعرض فائدة 1.35 في المائة فقط على 750 مليون يورو في سبتمبر.

 

في السوق ، يشتبه في أن تركيا أرادت حماية نفسها من الأقساط الأعلى التي يمكن أن تهدد بعد الانتخابات في أمريكا إذا فاز جو بايدن . العلاقات سيئة. دعا أعضاء مجلس الشيوخ في واشنطن للتو إلى فرض عقوبات على تركيا لأن العضو في الناتو يريد الآن اختبار نظام الدفاع الجوي S-400 الذي حصلت عليه من روسيا. لذلك استبعد الرئيس دونالد ترامب تركيا من الحصول على طائرات مقاتلة جديدة من طراز F-35.

 

وقد قوبلت الصراعات المسلحة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان في سوريا وليبيا والعراق ، والآن دعمه لمورد النفط والغاز أذربيجان في الحرب ضد أرمينيا ، بانتقادات دولية. إنه على خلاف مع أمريكا وروسيا ، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي. حقيقة أن أردوغان كان يبحث لأسابيع عن الغاز في المياه المتنازع عليها قبالة اليونان وقبرص دفع الاتحاد الأوروبي إلى التهديد بفرض عقوبات ، الأمر الذي زاد من زعزعة استقرار عملة الدولة ، التي تعتمد على التجارة مع الاتحاد الأوروبي. حقيقة أن القيود لم تنطبق بعد ذلك لم تساعد الليرة أيضًا. يوم الجمعة ، كان يتعين دفع أكثر من 7.95 ليرة مقابل دولار واحد في بعض الأحيان ، أكثر من أي وقت مضى.

 

توُظهر المقارنة مع البلدان الناشئة الأخرى أن الانخفاض في القيمة مع وباء كورونا لا علاقة له بالبنك المركزي المثقل بالاعتماد على السياسة ، وفقًا لتحليل DZ-Bank. أن "احتياطيات تركيا من العملات الأجنبية المتاحة بحرية" كانت أقل من 8 مليارات دولار في نهاية سبتمبر. التضخم في خانة العشرات ، وسعر الفائدة الحقيقي سلبي على الرغم من زيادة سعر الفائدة الرئيسي بمقدار نقطتين مئويتين إلى 10.25 في المائة. يرى بنك DZ أن أزمة ميزان المدفوعات مع تأثيرات خطيرة في الأفق. في النهاية ، سيكون من الصعب تجنب شيء مثل حزمة مساعدات صندوق النقد الدولي.

 

وعلى المستوى الاقتصادي، عمل الرئيس أردوغان منذ وصوله إلى السلطة على تعزيز سيطرته على السعر الدولي لليرة التركية، ما ساعده على الاقتراض بتكلفة أقل والحد من نسبة التضخم. غير أن التكلفة الاقتصادية لذلك باهظة أمام تردد المستثمرين في إدخال مزيد من العملة الصعبة إلى البلاد، وبدأوا يحذرون من الليرة وهم الذين كانوا إلى وقت قريب، يتداولونها في الأسواق الناشئة بكثرة، بعد أن قيدت أنقرة ذلك النوع من المعاملات، بل وحظر البنك المركزي التركي على الفاعلين الاقتصاديين الأتراك تداول العملات مع عدد من البنوك الدولية.

 

والهدف من هذه الخطوة هو تعزيز تأثير البنوك التركية المرتبطة بالدولة على سعر الليرة. ووفقا لبعض الشائعات، لا يستبعد أن يفرض أردوغان قيودا على تنقل الرساميل. غير أن هذه السياسة مكلفة للغاية حيث تضطر البنوك المرتبطة بالجهات الرسمية إلى ضخ المزيد من الدولات في الأسواق المالية وهو ما جعل البنك المركزي يستنزف ثلث احتياطاته من العملة الصعبة (85 مليار دولار منذ نهاية عام 2018). وقد تلجأ أنقرة في نهاية المطاف إلى طلب المساعدة من صندوق النقد الدولي رغم مساعدة قطر السخية لها.

 

وقد فقدت العملة التركية في الواقع 17 بالمائة من قيمتها منذ بداية العام الجاري. وموازاة مع ذلك واصلت الليرة تراجعها مقابل اليورو بنسبة وصلت 6% حسب "هاندسبلات" التي أكدت أن هناك "تزايدا للمؤشرات على ضعف الليرة ليس فقط لأسباب سياسية، وهو ما يزيد من الضغوط على الأسواق المالية التركية".

 

ويقول موقع فوكوس الألماني أن الليرة التركية تنخفض حاليا بشكل أسرع مما كانت عليه خلال أزمة التضخم الكبيرة خلال عام 2018، خصوصا بعد تجاوز سعر اليورو حاجز ثماني ليرات. وللمقارنة فإن قيمة الليرة كانت 6.65 مقابل اليورو الواحد بداية العام الجاري. الصدمة الأخيرة التي تعرضت لها الليرة ربطها المراقبون، كما أوردت ذلك وكالة رويترز، بالتوتر الأخير بين تركيا واليونان بسبب خطة لحفر تجريبي بحثا عن الغاز من قبل سفن تركية في شرق المتوسط، رأت فيها اليونان انتهاكا لحقوقها الإقليمية. ورغم انتماء الدولتين إلى حلف الناتو، فإن نزاعا مسلحا كاد أن يندلع بين الجانبين لولا وساطة المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل التي تمكنت من نزع فتيل الانفجار في آخر لحظة.

من جهته كتب موقع "فينانسماركتفيلت" الألماني أنه بعد ارتفاع التضخم في تركيا خلال خريف 2018 بأكثر من 25 في المائة، تراجعت هذه النسبة إلى 8.55 في المائة في أكتوبر/ تشرين الأول 2019. غير أن الاتجاه عاد للتصاعد منذ ذلك الحين لتصل في مايو/ أيار إلى 12.62 في المائة. وأكدت الصحيفة الألمانية أن الوصفة التركية القائمة على خفض متواصل لسعر الفائدة وتصاعد مطرد للتضخم يهدد الليرة بالانهيار، ما لا يشجع المستثمرين الأجانب للعودة إلى السوق التركية.

 

في سياق النزاع حول الثروات الغازية في شرق المتوسط، طالبت الحكومة القبرصية بفرض عقوبات أوروبية "مؤلمة" ضد أنقرة. فقد حذرت نيقوسيا من حرب بين شركاء حلف الناتو وطالبت الرئاسة الألمانية للاتحاد الأوروبي بالأخذ بزمام المبادرة بهذا الشأن. توماس بورمان مراسل شبكة "أ.إير.دي ARD" الألمانية في إسطنبول كتب من نيقوسيا (27 يوليو/ تموز 2020) تحليلا مطولا حول هذا الموضوع وأورد تصريحا لكيرياكوس كوشوس، المتحدث باسم الحكومة القبرصية الذي قال "نحن بحاجة إلى عقوبات أكثر صرامة. نحتاج إلى إجراءات أكثر وضوحا لمنع تركيا من مهاجمة الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي".

 

التكتل القاري أدان أنشطة الحفر التركية في المياه الإقليمية لليونان وقبرص أكثر من مرة. كما فرض عقوبات، لكنها لم تزعج كثيرا تركيا لحد الآن، إذ اقتصرت على عدم السماح لمديرين لشركة طاقة تركية بدخول أراضي الاتحاد الأوروبي. الاقتصاد التركي مرتبط بشكل عضوي بالاقتصاد الأوروبي، ومن شأن عقوبات صارمة أن تكون لها تأثيرات سلبية على أنقرة. وهذا ما تدعو إليه كل من فرنسا واليونان وقبرص.

 

ويعاني الاقتصاد التركي من آثار جائحة كورونا، فاقمه انهيار العملة وارتفاع الديون الخارجية والبطالة. في الوقت نفسه، يعد الرئيس أردوغان الأتراك بأن البلاد ستخرج أقوى من هذه الأزمة. ولا ننسى أن تركيا تمر بأزمة اقتصادية منذ عامين على الأقل. الشركات الخاصة مثقلة بديون خارجية قيمتها 175 مليار دولار. كما أن انخفاض قيمة الليرة يجعل من خدمة فوائد القروض مكلفة جدا.

 

السياحة التركية تضررت كثيرا من جائحة كورونا. ولم ترفع ألمانيا بعد تحذيرها المتعلق بالسفر إلى تركيا. ومع ذلك، يأمل أصحاب الفنادق وشركات الطيران التركية أن يتغير هذا قريبًا. وصاغت وزارة السياحة التركية بروتكولات مع الفنادق تتضمن 31 شرطًا لضمان صحة أفضل وتشغيل خال من خطر العدوى بالفيروس. فالسياحة ليست مجرد محرك للاقتصاد التركي، ولكنها مصدر مهم للعملة الصعبة أيضا.

 

وفى محاولة للهروب من الازمات بلجأ اردوغان لما وصف "حلب تميم" وهو هاشتاج انتتشر على موقع التواصل الاجتماعي خلال زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، لقطر مؤخرا ولاقت الزيارة سخرية واسعة من قبل رواد منصات السوشيال ميديا في دول الخليج وباقي بلدان العالم العربي.

 

وأكد النشطاء والسياسيون أن الزيارة هي سعياً جديداً للحصول على تمويلات إضافية، بعد تأزم موقفه داخلياً وفشل سياساته الإرهابية خارجياً، بالتزامن مع تعرض الحليفين القطري والتركي إلى رفض عربي ودولي متنامٍ، ترجمها إقرار البرلمان العربي استراتيجية لمواجهة أطماع تركيا في الدول العربية، وتحرك فرنسا لفرض عقوبات أوروبية ضد أنقرة.

 

وأبدى محللون عسكريون استغرابهم من استقبال وزير الدفاع القطري للرئيس التركي لدى وصوله إلى مطار الدوحة اليوم، وقالوا إن "استقبال وزير الدفاع لأردوغان يشير إلى أن قطر باتت قاعدة عسكرية تركية ولفتوا إلى أن قطر التي لطالما تحدثت عن السيادة، تحولت من دولة إلى قاعدة عسكرية للأتراك، فيما أوضح مراقبون أن الهدف من الزيارة،الحصول على الدعم لتجاوز ورطة التدخل العسكري في ليبيا.

 

وكتبت مغردة أن "قوات أردوغان التركية تنتشر في العاصمة الدوحة"، مضيفة أن "الرئيس التركي لا يشعر بالأمان داخل الدوحة رغم أنه في ملعبه ووسط جيشه".

 

ورأى مغردون أن هدف الزيارة ليس أكثر من الحصول على الأموال لدعم القوات التركية في ليبيا، والتي تكبدت خسائر كبيرة في الآونة الأخيرة.

 

وقالت إحدى المغردات: "كان الله في عون الشعب القطري، أردوغان يأكل الأخضر واليابس"، فيما أوضحت الدكتورة في جامعة الملك سعود، أمل عبد العزيز الهزاني، أن "وزير المالية التركي كان في ليبيا ،والآن هو على رأس وفد أردوغان المصغر إلى قطر"، في إشارة إلى هدف أردوغان من زيارته للدوحة.

 

وأكد مغرد آخر أن هدف الزيارة مالي بحت، قائلاً: "أردوغان رايح يحلب قطر، فلوس العرب للعثماني عشان يدمر العرب"، بينما لفت آخر إلى أن"أردوغان إلى قطر في زيارة سريعة ليقوم بالاتفاق مع تميم على كيفية سرقة أموال الشعب القطري، من أجل دعم الميليشيات الإرهابية و تحقيق فكره العثماني".

 

وتأتي هذه الزيارة في وقت يعاني فيه الأتراك من التداعيات الاقتصادية لفيروس كورونا ، مع وارتفاع الأسعار، والضرائب بفعل أزمة اقتصادية طاحنة تشهدها البلاد، وسط فشل نظام أردوغان في حلها.