موازنة الاتحاد الأوروبي تنذر بمعركة ما بعد التعافي من كورونا
الجمعة 10/سبتمبر/2021 - 04:13 م
سرعت الحكومات الأوروبية إنفاقها لمنع جائحة كوفيد-19 من التسبب بكارثة اقتصادية، بالرغم من تصاعد دينها العام.
ويواجه الاتحاد الأوروبي الآن دعوات لتخفيف قواعد ضبط الموازنة بما يسمح بمواصلة الإنفاق السخي، لكن الأمر حساس بالنسبة للعديد من الدول الأعضاء.
وتبذل المفوضية الأوروبية، الهيئة التنفيذية للاتحاد والتي تشرف على موازنات الدول الأعضاء الـ27، كل ما في وسعها لمنع قيام سجال سياسي يمكن أن تطال الانتخابات في ألمانيا هذا الشهر.
ويلتقي وزراء المالية في الاتحاد اليوم الجمعة وغدا السبت لمناقشة المسألة خلال محادثات في قصر بردو التاريخي في سلوفينيا.
وقال برونو لومير وزير المال الفرنسي لدى وصوله للمشاركة في الاجتماعات: "سيتعين علينا الاتفاق على قواعد مختلفة، وعودة مختلفة لضبط الموازنة".
وتتمحور المسالة حول الميثاق الأوروبي للاستقرار والنمو، وهو مجموعة من القواعد المتعلقة بإنفاق الموازنة تفرض على الدول الأعضاء(على الورق على الأقل)، التقيد بدين عام نسبته 60 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، وإبقاء العجز السنوي أقل من 3 بالمئة.
لكن العديد من الدول تخطت تلك العتبة وبعضها طلب من المفوضية اقتراح سبل لجعل القواعد أقرب إلى الحقيقة، حتى قبل الجائحة.
ويتوقع أن يبلغ معدل الدين 102 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي في الدول المتعاملة باليورو والبالغ عددها 19، بنهاية العام.
ويمثل الدين العام أزمة مستمرة لعدد من الدول الأوروبية، ففي فرنسا وبلجيكا يتوقع ارتفاع الدين العام في إلى 120 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، وتقترب تلك النسبة من المعدلات الكبيرة المسجلة في اليونان (200 بالمئة) وإيطاليا (160 بالمئة).
ويرى مراقبون أن تطبيقا صارما لميثاق الموازنة من شأنه أن يؤدي إلى انخفاض كبير للاستثمارات العامة في تلك الدول، مع خطر إغراق أوروبا بأكملها مجددا في انكماش اقتصادي، وعودة للأيام المظلمة لأزمة الدين في منطقة اليورو، ومع ذلك فإن التخلص الكلي من قاعدة الـ60 بالمئة مستحيل، لكن ما سيبدأ الوزراء مناقشته هو إمكانية تخفيف الإجراءات الصارمة للحكومات لخفض الإنفاق وتقليص تراكم الديون.
ويقلق البعض من أي قرارات لخفض الإنفاق يصل إليها الاتحاد الأوروبي قد تتسبب بأزمة سياسية، ففي معظم الدول تخصص أكبر مبالغ الإنفاق على البرامج الاجتماعية ولمعاشات التقاعد الحصة الأكبر فيها، وخفض الدين يعني خفض معاشات تقاعد الناخبين.
وتعتقد بعض الدول الغنية بالاتحاد وعلى رأسها ألمانيا أن الوفت قد حان أن الوقت حان لشركائها لخفض برامج الرعاية الاجتماعية التي تعود لفترة ما بعد الحرب العالمية الثانية.
وكانت تلك المناقشات قد علقت خلال الوباء عندما تم تجميد قواعد الموازنات حي تتمكن الدول من الإنفاق بطريقة تجنبها كارثة وشيكة، لكن الاتحاد يعود الآن إلى مسار النمو ما أحيا النقاش مجددا.
وكحل وسط محتمل، تتجه بعض تلك الدول نحو استبعاد الاستثمارات في التحول الأخضر لأوروبا من الحسابات، أو السعي لاقتطاع الإنفاق المرتبط بالجائحة من الديون الأخرى.
ويحظى هذا النهج الأكثر تساهلا ومراعاة للنمو بتأييد باولو جنتيلوني مفوض الشؤون الاقتصادية في الاتحاد بدعم من البنك المركزي الأوروبي وفرنسا ودول الجنوب الأكثر مديونية.
وقال جنتيلوني: "يجب أن نعتبر ذلك بمثابة استجابة جديدة لما يحدث الآن، والذي يحدث الآن هو أن الوباء أصبح خلفنا، والتحول المناخي أصبح أمامنا".
ويضم المعسكر المقابل لاتجاه تسهيل ضوابط الموازنة ما يطلق عليه دول "التقشف" مثل هولندا والنمسا، التي تريد عودة سريعة والتزام بالقواعد، وكتبت تلك الدول التي تشمل أيضا فنلندا وسلوفاكيا، عارضة موقفها أن: "المالية العامة السليمة هي ركيزة لعضوية الاتحاد الأوروبي وأساسا للاتحاد الاقتصادي والنقدي".
ويأمل البعض في تخفيف حدة الصراع، فمقارنة بأزمة الدين في منطقة اليورو والتي كادت أن تنسف العملة الموحدة، أظهر الاتحاد الأوروبي تضامنا أكبر خلال الجائحة، وتم تمويل خطته للتعافي البالغة 750 مليار يورو من ديون مشتركة.