وزير الأوقاف: جنايات المتطرفين على الدين والدولة لا تعد ولا تحصى
الجمعة 21/يناير/2022 - 12:27 ص
صرح الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف بأن جنايات المتطرفين على الدين والدولة لا تعد ولا تحصى، فهي متعددة ومتنوعة، ما بين سفك الدماء، واستحلال الأموال، واستباحة الكذب، وتحريف النصوص وليّ أعناقها، وانتهاجهم منهج التقية، وتدريب ناشئيهم على السرية والكتمان، والسمع والطاعة الأعميين، وإغرائهم بالنعيم المقيم في الدنيا والآخرة.
ولقد تأملت حديث رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) حيث يقول: " آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلاثٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ " وحديثه (صلى الله عليه وسلم) حيث يقول: "أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ، فَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنَ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا، فوجدت المتطرفين ينقضون ذلك نقضًا عمليًا، ويسيرون على عكس ذلك تمامًا.
فإذا كان (صلى الله عليه وسلم) قد ذكر العلامة الأولى من علامات النفاق أن المنافق إذا حدث كذب، فإن المتطرفين لا يكذبون مجرد كذب، إنما يتحرون الكذب ويتدربون ويُدربون عليه تحت عناوين ما أنزل الله بها من سلطان: كالكذب المباح، أو المواطن التي يجوز فيها الكذب، أو المعاريض التي فيها مندوحة عن الكذب، حتى صار الكذب والافتراء والبهتان أصلا من أصولهم الفكرية والحركية، متجاهلين قول النبي (صلى الله عليه وسلم): " إِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ، وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَتَحَرَّى الصِّدْقَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ صِدِّيقًا . وَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ، وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَتَحَرَّى الْكَذِبَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا " .
وإذا كان من أخص صفات المنافق أنه إذا وعد أخلف، فإنني أظن أن من تعامل أو يتعامل مع أي من المتطرفين يدرك أنهم لا عهد لهم ولا ذمة ولا أمان، فقد جُبلوا وتربوا على آليات واضحة للتبرير لأنفسهم، والتحلل من وعودهم وعهودهم ومواثيقهم.
وإذا كان من صفات المنافق أنه إذا خاصم فجر، فإنني أظن أن تاريخنا الحديث لم يعرف قومًا أكثر لددًا في الخصومة وفجورًا فيها، واستعدادًا لإراقة الدماء وإهلاك الحرث والناس والإفساد في الأرض من هؤلاء، وكأني بهم لم يسمعوا قول الله تعالى: "وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ * وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ".
فهل الإسلام المبني على الرحمة تحول عندهم إلى دين عنف ودماء ؟ وهل الإسلام القائم على عمارة الكون تحول لديهم إلى ساحة تخريب وإفساد ؟ وهل الإسلام القائم على حرمة الدماء والأموال تحول عندهم إلى نظرية استحلال لهذه الدماء والأموال ؟ متجاهلين قوله تعالى: " أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً "، وقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) حين نظر إلى الكعبة: " مَا أَطْيَبَكِ وَأَطْيَبَ رِيحَكِ، مَا أَعْظَمَكِ وَأَعْظَمَ حُرْمَتَكِ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَحُرْمَةُ الْمُؤْمِنِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ حُرْمَةً مِنْكِ، مَالِهِ، وَدَمِهِ، وَأَنْ نَظُنَّ بِهِ إِلَّا خَيْرًا " .
حقًا إنها الفجوة الواضحة والهوة الساحقة بين عظمة الإسلام وجنايات المتطرفين عليه، بين منظومة الأخلاق والقيم التي حرص الإسلام كل الحرص على بنائها وبين واقع هذه الجماعات المر الذي عمل على هدم هذه المنظومة أو خلخلتها وتشويه صورتها، إنه حب السلطة الذي دفع أدعياء الدين إلى المتاجرة به، والمزايدة عليه، واللعب بعواطف العامة، واستغلالهم حاجتهم وعوزهم، لإغرائهم ببعض فتات ما يلقى لهم ممن يستخدمونهم ضد دينهم وأوطانهم، بعد أن ثبت بالدليل القاطع أن المتطرفين لا يؤمنون بوطن ولا بدولة وطنية، فوطنهم الحقيقي هو مصالحهم وتنظيمهم الدولي.
إننا نحذر من أن ينخدع بهم عاقل، ونؤكد أن هذه الجماعات نكبة وكارثة محققة حيث حلت وحيث كانت.