تقارير: نتنياهو يقف "حجر عثرة" أمام المقترح الأمريكي بإصراره على البقاء في فيلادلفيا
لم تمض سوى سويعات معدودات على إقرار الرئيس الأمريكي جو بايدن بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لا يفعل ما يكفي للتوصل إلى اتفاق يضمن وقف إطلاق النار في قطاع غزة وتحرير الرهائن الذين تحتجزهم حركة حماس، حتى خرج الأخير في مؤتمر صحفي مساء الإثنين يستعرض فيه أهمية بقاء القوات الإسرائيلية، من وجهة نظره ، في محور فيلادلفيا بين القطاع ومصر.
ويرى مراقبون أن تمسك نتنياهو بموقفه من هذه المسألة ربما وأد "المقترح الأخير" الذي تحدث بايدن عن أن واشنطن "قريبة جدا" من الإعلان عنه بهدف التوصل إلى اتفاق.
فإصرار نتنياهو على وجود قوات إسرائيلية في هذا المحور يعد عقبة رئيسية أمام إحراز أي تقدم على صعيد إنهاء الحرب التي شارفت على إتمام عامها الأول، في ظل رفض حركة حماس ومصر التام لذلك.
وقال نتنياهو إنه "يجب أن يكون هناك حضور فعلي للجيش في محور فيلادلفيا، لا مجسات إلكترونية ولا وسائل تكنولوجية"، واصفا هذه المسألة بأنها "ليست أمنية بل سياسية استراتيجية".
وتابع: "الأجهزة الأمنية تطالب بانسحاب مؤقت من محور فيلادلفيا لكن إذا انسحبنا سنتعرض لضغوط ولن نعود... حددنا أربعة أهداف، هي القضاء على حماس وضمان ألا تشكل غزة خطرا على إسرائيل وإعادة المحتجزين وإعادة السكان إلى الشمال، ثلاثة من هذه الأهداف مرتبطة بمحور فيلادلفيا".
وأضاف نتنياهو:" نحن في خضم حرب وجودية أمام محور الشر الإيراني".
وألقت تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بظلال من الشك على إمكانية نجاح جهود الوساطة في تحريك مياه التفاوض الراكدة، ورأى محللون أنها ربما تمثل دليلا جديدا على تشبث نتنياهو بموقف اليمين المتطرف في حكومته وصمه آذانه عن الاستماع لرؤية المؤسسة الأمنية في هذا الصدد ممثلة في وزير الدفاع يوآف جالانت، أو أصوات المظاهرات الحاشدة التي غصت بها ميادين تل أبيب ومدن أخرى على مدار اليومين الماضيين للمطالبة بسرعة إبرام صفقة تضمن تحرير من تبقى من الرهائن أحياء.
وفي معرض رده على سؤال بشأن ما يتعين فعله إزاء المفاوضات في ظل موقف نتنياهو، قال الرئيس الأمريكي: "نحن في خضم المفاوضات... ليس معه، ولكن مع نظيري في قطر ومصر"، حسبما أعلن البيت الأبيض.
ونقلت قناة إن بي سي عن مصدرين وصفتهما بالمطلعين أن بايدن قد يقدم العرض الأخير لحماس وإسرائيل في أقرب وقت هذا الأسبوع. وأوضح أحد المصدرين أن بايدن بحث يوم الإثنين مع فريقه تقديم عرض نهائي عبر الوسيطين القطري والمصري.
واعتبرت شبكة سي إن إن الإخبارية الأمريكية أن رد بايدن المقتضب بكلمة واحدة هي "لا" عندما سئل عما إذا كان نتنياهو يفعل ما يكفي لإتمام صفقة الرهائن، جاءت متسقة مع "إحجام" الرئيس الأمريكي عن انتقاد رئيس الوزراء الإسرائيلي، لكنها عكست كذلك حجم "الإحباط العميق" داخل البيت الأبيض بشأن كيفية تعامله مع الصراع ومحادثات الرهائن.
وبينما كان نتنياهو يعدد أسباب تمسكه بالبقاء في محور فيلادلفيا، اندلعت مصادمات بين محتجين في الشارع الإسرائيلي والشرطة وجرت حملة اعتقالات، وسط اتهامات لنتنياهو بعدم الاكتراث بحياة الرهائن.
كما انتقد معارضو الحكومة اليمينية توجه نتنياهو، وقال زعيم المعارضة يائير لابيد: "لقد قال نتنياهو حقيقة واحدة على الأقل، إنه لا يريد إنهاء الحرب، مما يعني أنه لا يريد إبرام صفقة، فهو يريد حربا إلى الأبد. ما قاله الليلة له معنى واحد: إنه لن يبرم صفقة".
وأضاف لابيد: "ما سمعناه من نتنياهو هو خدعة سياسية لا أساس لها. ما قاله نتنياهو عن محور فيلادلفيا لا علاقة له بالواقع، لا أحد يمكنه تصديق ذلك لا رجال الأمن ولا المجتمع الدولي ولا حتى المقاتلين الموجودين في غزة... إسرائيل أخلت محور فيلادلفيا منذ 19 عاما ونتنياهو نفسه وافق على ذلك وصوت لصالح قرار الإخلاء".
واعتبر لابيد أن ما قاله نتنياهو "يظهر فشله وضعفه. محور فيلادلفيا لا يزعجه حقا، بل محور (وزير الأمن القومي إيتمار) بن غفير – (ووزير المالية بتسلئيل) سموتريتش. وهذه هي حيلته الجديدة لمنع تفك ائتلافه".
وبالتزامن مع تصريحات نتنياهو والمظاهرات في الشارع الإسرائيلي، بعثت كتائب القسام ، الجناح العسكري لحركة حماس برسالة عبر الناطق باسمها أبو عبيدة حمل فيها نتنياهو والجيش الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عن مقتل الأسرى "بعد تعمدهم تعطيل أي صفقة لتبادلهم لمصالح ضيقة، علاوة على تعمدهم قتل العشرات منهم من خلال القصف الجوي المباشر".
وأضاف أبو عبيدة: "صدرت تعليمات جديدة للمجاهدين المكلفين بحراسة الأسرى بخصوص التعامل معهم حال اقتراب جيش الاحتلال من مكان احتجازهم... إصرار نتنياهو على تحرير الأسرى من خلال الضغط العسكري بدلا من إبرام صفقة سيعني عودتهم إلى أهلهم في توابيت، وعلى عوائلهم الاختيار إما قتلى وإما أحياء".
وتأتي هذه الرسالة في وقت اكتسبت فيه جهود إطلاق سراح الرهائن زخما خلال الأيام القليلة الماضية مع العثور على جثث ست رهائن في نفق بمدينة رفح جنوب قطاع غزة، ومن بينهم المواطن الإسرائيلي الأمريكي هيرش جولدبرج بولين.
وأجج مقتل هؤلاء الرهائن الغضب داخل إسرائيل، وأدى إلى احتجاجات ضخمة وإضراب عام يوم الاثنين، حيث دعا المتظاهرون نتنياهو إلى تنحية طموحاته السياسية جانبا من أجل التوصل إلى اتفاق يسمح بالإفراج عن ما تبقى من الرهائن.
وفي ظل تباين المواقف، قلل مراقبون من احتمال حدوث انفراجة على المدى القريب، لاسيما وأن الإدارة الأمريكية الحالية تلملم أوراقها استعدادا للانتخابات الرئاسية. وكانت صحيفة واشنطن بوست نقلت عن مصادر أن الولايات المتحدة تناقش مع مصر وقطر الخطوط العريضة النهائية لـ"عرض أخير" ، مشيرة إلى أنه "إذا لم يتم قبول العرض فإن ذلك سيمثل نهاية الاتصالات على المدى القريب".