الخميس 19 سبتمبر 2024 الموافق 16 ربيع الأول 1446
رئيس التحرير
حازم عادل
عربى ودولى

"حرب غزة كارثة بيئية".. النفايات السامة والأمراض المنقولة بالمياه وانبعاثات الكربون الهائلة

السبت 07/سبتمبر/2024 - 02:33 م
غزة
غزة

نشر مركز الدبلوماسية البيئية التطبيقية في معهد أرافا للدراسات البيئية تقريراً جديداً موسعاً عن التأثير البيئي للهجوم الإسرائيلي المستمر على غزة. 

 

ويغطي التقرير عدداً لا يحصى من الأضرار البيئية الناجمة عن الحرب ــ من الكم الهائل من الغبار السام المنبعث من قصف المباني، إلى انهيار إدارة النفايات، وتدمير مرافق معالجة المياه وانتشار الأمراض المنقولة بالمياه.

 

ورغم أن الفلسطينيين في غزة هم الذين يواجهون أشد التهديدات خطورة، فإن التقرير يوضح أن المنطقة بأكملها الواقعة بين نهر الأردن والبحر الأبيض المتوسط ​​تشكل جزءاً من نظام بيئي واحد، حيث تترابط الصحة والبيئة في توازن هش. 

 

وقد تجلى هذا بشكل خاص في الاكتشاف الأخير لفيروس شلل الأطفال في مياه الصرف الصحي في غزة. فقد شرع الجيش الإسرائيلي في تسليم جرعات معززة من لقاح شلل الأطفال للجنود الإسرائيليين، قبل أن يوافق في نهاية المطاف على حملة تطعيم للأطفال الفلسطينيين في القطاع الذين تقل أعمارهم عن 10 سنوات؛ كما أبدت إسرائيل اهتماماً مفاجئاً بإعادة بناء البنية الأساسية لإدارة مياه الصرف الصحي التي دمرتها.

 

ويسلط التقرير الضوء أيضًا على العلاقة بين الصراعات المسلحة والاحتباس الحراري العالمي. ففي 21 يوليو، شهد الكوكب أشد الأيام حرارة على الإطلاق ؛ ففي الشرق الأوسط، ترتفع درجات الحرارة بمعدل أسرع مرتين من بقية العالم.

 

لفهم التأثير البيئي للحرب بشكل أفضل، تحدثت مجلة  +972 مع الدكتورة مريم عبد الحي، باحثة في الديناميكيات الاجتماعية والتأثيرات البيئية للصراعات ومواطنة فلسطينية في إسرائيل من مدينة الطيرة ، وقالت إن الانفجارات تسحق مواد البناء إلى قطع صغيرة، مما يؤدي إلى إطلاق جزيئات سامة في البيئة يمتصها البشر بعد ذلك. وعلى الرغم من أن أعلى مستوى للتعرض لهذه السموم يحدث في وقت الانفجار، فإن الجسيمات الدقيقة من الغبار والرماد السام تنتشر بواسطة الرياح، وتلتقطها خطوات الأقدام والمركبات المتحركة. كما استخدم الجيش الإسرائيلي الفوسفور الأبيض ، وهو سلاح حارق شديد السمية.

 

 ونتيجة لذلك، وبينما يواجه سكان غزة أشد المخاطر الصحية، فإن الفلسطينيين والإسرائيليين وجميع الكائنات الحية الأخرى في المنطقة سيستمرون في معاناة العواقب لسنوات قادمة. 

 

في غزة، يستخدم الأسبستوس، وهو مادة مسرطنة للغاية في شكل غبار، بشكل شائع في البناء، مما يزيد من خطر الإصابة بالسرطان عن طريق الاستنشاق. وقد تم العثور عليه بالفعل في الغبار السام بعد قصف إسرائيل للقطاع في عام 2021.

 

و تتراكم عشرات الآلاف من الأطنان من النفايات السكنية في الشوارع ومكبات النفايات غير الرسمية، بسبب نقص الوقود اللازم لتشغيل آلات إدارة النفايات. ويمكن أن يؤدي هذا إلى تلوث التربة والمياه الجوفية، فضلاً عن المساهمة في ازدهار الطحالب المفرط على طول الساحل، مما يعرض الحياة البحرية والسباحين للخطر.

 

كما أن سوء إدارة النفايات يجذب الحيوانات، مثل الفئران، التي يمكنها أن تنقل الأمراض إلى البشر. كما أن درجات الحرارة والرطوبة المرتفعة في منطقتنا في الصيف تخلق أيضًا ظروفًا مثالية لنمو وتكاثر البكتيريا.

 

كما إن العواقب الصحية المترتبة على شرب المياه الملوثة كارثية ــ وخاصة بالنسبة للأطفال، الذين يشكلون 47% من سكان غزة. كما تزيد المياه الملوثة بشكل كبير من خطر الإصابة بالكوليرا والتيفوئيد وشلل الأطفال وغيرها من الأمراض المرتبطة بالمياه. وحتى في شهر نوفمبر/تشرين الثاني، حذرت منظمة الصحة العالمية من أن الأمراض المعدية المرتبطة بندرة المياه وتلوثها قد تؤدي في نهاية المطاف إلى قتل المزيد من الناس في غزة مقارنة بالعنف العسكري. 

 

علاوة على ذلك، أثار الباحثون والمتخصصون في المجال الطبي مؤخرًا مخاوف بشأن ظهور وانتشار البكتيريا المقاومة للعلاج بالمضادات الحيوية، أو مقاومة مضادات الميكروبات. كما يمكن للمياه الملوثة أن تسهل أيضًا الاتصال بين البكتيريا والمعادن الثقيلة المنبعثة من المتفجرات، والتي تعد عاملًا مساهمًا في مقاومة مضادات الميكروبات.

 

في يوم السابع من أكتوبر  وحده، انبعث نحو 646 طناً مترياً من ثاني أكسيد الكربون نتيجة لهجوم حماس. ثم في الشهرين الأولين فقط من الحرب، انبعث نحو 281 ألف طن متري من ثاني أكسيد الكربون نتيجة للقصف الجوي الإسرائيلي والغزو البري لقطاع غزة. 

 

إن هذا الحجم من الانبعاثات التي تسبب فيها الجيش الإسرائيلي في هذين الشهرين الأولين يعادل حرق حوالي 150 ألف طن من الفحم . لقد أجريت حسابًا سريعًا حتى نتمكن من تصور شيء ملموس: إن حرق هذه الكمية من الفحم يمثل حوالي 24772 عامًا من استخدام الكهرباء لأسرة واحدة.

 

وبالإضافة إلى ذلك، ووفقًا لهيئة الطبيعة والمتنزهات الإسرائيلية، فإن ضربات حزب الله عبر الحدود اللبنانية - أكثر من 7500 صاروخ وقذيفة وطائرة بدون طيار منذ 7 أكتوبر - أدت إلى حرق 8700 هكتار في شمال إسرائيل نتيجة لأكثر من 700 حريق غابات. هذه مساحة أكبر بـ 12 مرة من حرائق الغابات في السنوات السابقة، في منطقة تحترق بالفعل بشكل متكرر كل صيف.