أمهات مرضعات وأطفال تحت القصف.. كواليس من دفتر أحوال المعذبات في قطاع غزة بعد عام من طوفان الأقصى
رغم مرور عام على طوفان الأقصى، إلا أن العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة ما زال قائمًا، والحرب ما زالت مستمرة بكل مساوئها خاصة السيدات اللائي تجرعن مرارة العدوان الصهيوني على مدار عام منذ انطلاق شرارة الحرب في 7 أكتوبر الماضي.
ويلات الحرب والنزوح المستمر في قطاع غزة
وبعد عامًا على الحرب جاء شهر أكتوبر الجاري من هذا العام والكل يأمل أن تنتهي الحرب على غزة إلا أن الواقع يحاكي عكس ذلك فالحرب ما زالت مستمرة في قطاع، لا سيما أن الاحتلال الصهيوني شرع في تقسيم القطاع إلى قسمين هم: جنوب وادي غزة، وشمال وادي غزة، الأول: يحتوي على العدد الأكبر من السكان المدنيين الذين الذين نزحوا من الشمال، بينما القسم الثاني: يحتوي على حوالي 350 الف مواطن يعانون من ويلات الحرب والنزوح المستمر والقصف العنيف خاصة على أماكن الإيواء المزدحم بالسكان المدنيين بحجة أن هناك مطلوبين للاحتلال، فتقوم بقصفه بوحشية على عدد كبير من السكان ويكون الضحايا عادة من الأطفال والنساء.
في هذا الصدد، تواصل «مصر تايمز» والناشطة النسوية المجتمعية من سكان شمال غزة، آمال الغليظ، وسردت تفاصيل مأساوية بشأن سكان القطاع لما يواجهونه تحت القصف وما يعانونه من ويلات الحرب والنزوح المستمر.
تقول الناشطة النسوية المجتمعية من سكان شمال غزة، آمال الغليظ، إن أهل قطاع غزة يلقون حتفهم إضافة إلى إصابة عدد كبير من السكان ببتر أعضاء من أجسادهم جراء العدوان الإسرائيلي، مشيرة إلى أن كيان الاحتلال الصهيوني يبررون قتلهم بأن هناك قيادي يرغبون في التخلص منه، ممن يعتبرونه مخربًا.
وتضيف الناشطة النسوية المجتمعية من سكان شمال غزة، أن سكان القطاع يواجهون معاناة كبيرة يوميًا في الحصول على الطعام، فهناك محسوبية وتفرقة في توزيع المساعدات الإنسانية حيث تقوم المؤسسات بتوزيع المساعدات على فئات من 7 أفراد أو أكثر ويتركون فئات الـ5 أفراد وأقل يتضورون جوعا، متسائلة: ما ذنب هؤلاء؟ وذلك في ظل أن هناك من يقومون بشراء المساعدات وبيعها للمواطن الفقراء بسعر خيالي يصل إلى 10 أضعاف سعرها قبل الحرب مع أن هذه المساعدات تأتي مجانا لكل المواطنين في غزة.
وتكمل آمال الغليظ، الناشطة النسوية المجتمعية من سكان شمال غزة: مع الأسف لا يتم توزيع المساعدات الإنسانية بحق الله على جميع الناس، فالمواطن البسيط لا يستطيع شراء هذه السلع الأساسية خاصة أنه لايوجد عمل أو مصدر دخل له لكي يشتري هذه السلع، فقد عم الفساد والاحتكار والسرقات بشكل كبير داخل القطاع، فنحن محاربون من جميع الجهات من الاحتلال والمحتكرين والسرقات والمرابين، ناهيك عن عدم وجود سيولة في قطاع غزة مما أدى إلى استغلال المواطن فإذا جاء له أي دعم أو مساعدة من خارج البلاد يأخذون عليها نسبة مرتفعة جدا.
المعاناة من الأمراض وسوء التغذية وقلة النظافة
وتابعت الناشطة النسوية المجتمعية من سكان شمال غزة: نحن في قطاع غزة بعد عام من الحرب نعاني من الأمراض وسوء التغذية وقلة النظافة وقلة الشرب والعلاجات والكثير من المواد الأساسية فعندما يمرض الطفل أو المرأة أو العجوز نذهب به للمستشفى ولكن للأسف لا يوجد سرير كي يجلس عليه ولا حتى علاج أو طبيب متخصص لكي يعالجه فيقول له اذهب للبيت فلا يوجد مانفعله لك، وكثير من الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية توفوا، وحتى الأطفال الخدج لم يسلموا فعندما يولد لا تستطيع الأم إرضاعه رضاعة طبيعية، بسبب حالتها الصحية وعدم تغذيتها فلا يوجد حليب فتضطر إلى إرضاعه رضاعة صناعية وعلى الرغم من ذلك لم تتواجد، وإذا وجدت فتكون بأسعار فلكية لا يستطيع المواطن البسيط شرائه لإبنه الرضيع.
وتساءلت: ماذا تفعل الأم في هذه الحالة؟ فهي متعبة جسديا ونفسيا ويحترق قلبها شفقة على وليدها الصغير الذي يبكي بشدة من الجوع والأطفال الصغار الذين يتمنون أبسط المقومات الحياتية، وهي الطعام النظيف والحليب والسكاكر التي لاتوجد منذ بداية الحرب، تم حرمانهم من هذه التسالي و حرمانهم من اللعب وحرمانهم من التمتع بطفولتهم، وأصبحوا يتجولون بالساعات لكي يوفرون لأهلهم الماء من أماكن بعيدة أو الحطب والبلاستيك لكي يشعلون النيران من أجل طهي أي طعام من المعلبات التي لا تصلح للأكل ولكن مجبرون من أجل العيش.
الاحتلال أهان المرأة شر إهانة
وتطرقت آمال الغليظ، الناشطة النسوية المجتمعية من سكان شمال غزة، في حديثها إلى أن المرأة في قطاع غزة تستيقظ في الصباح الباكر مستعينة بالله تقف طابورا لتلحق لها دورا لكي تحصل على رغيف خبز أو ماء أو أعزكم الله كي تدخل الحمام، لقد أهانوا المرأة شر إهانة في أبسط حقوقها وحرمنها من مقومات الحياة التي لا تمتلكها، وتجلس بالساعات أمام النار لتحضير وجبة طعام لأطفالها، كل ذلك في ظل حرارة الجو مترتدية ملابسها المخترقة ورائحة النيران معبقة في جسدها فضلا عن صراخ وعويل أطفالها من شدة الجوع.
وتكمل: وعندما يشتهي سكان قطاع غزة لشرب مشروبًا فلا يوجد سوى الشاي ومع اللأسف في ظل غلاء سعر السكر أصبح الشاي صعب المنال للمواطن الغزاي، فهناك غلاء فاحش لا يطاق في أسعار السكر فماذا نحن فاعلون؟ حتى فنجان القهوة لكي نشربه نواجه معاناة كبيرة فأنا كمواطنة عندما أريد أن أحتسي فنجانا من القهوة على سبيل المثال، معلقة ونصف ثمنها دولار، فمابالك لأسرة مكونه من 5 أفراد أو أكثر، فالحياة غالية جدا رغم عدم وجود عمل أو سيولة، اغلب الأطفال لايعرفون الخضروات والفواكه واللحوم، فنحن لنا أكثر من سنة لم نتذوق طعم اللحمة، فهذه معاناتنا بعد سنة من الحرب، لا خضروات ولا فواكه ولا لحوم ولا مواد تنظيف ولا مياة صالحة للشرب، ولا شيًا من أبسط مقومات الحياة، لذلك نتمنى من الله أن تنتهي هذه الحرب.
وناشدت الناشطة النسوية المجتمعية من سكان شمال غزة، جميع الدول العربية والأجنبية وحقوق الإنسان ومنظمة الطفل، بأن يسعوا جاهدين إلى إنهاء الحرب ووقف كامل لإطلاق النار بشكل فوري، لأنها انهكت عاهلنا واتعبتنا وجعلتنا نتمنى الموت ألف مرة، ولا عدنا نتحمل هذه الحياة المأساوية.
مرحلة النزوح والهجرة قسرًا من محافظة إلى محافظة
والتقطت أطراف الحديث الناشطة النسوية الفلسطينية منى المغربي، قائلة: في ظل الحرب المستمرة على قطاع غزة، مرحلة النزوح والهجرة قسرًا من محافظة إلى محافظة ومن مكان إلى مكان بسبب قصف طائرات ودبابات الاحتلال الإسرائيلي، والنزوح لم يكن للمرة الأولى بل تكرر أكثر من مرة من رفح إلى خان يونس إلى المحافظة الوسطى، وهذا بعد عملية التهجير الأولى من محافظة الشمال ومحافظة غزة.
وتابعت الناشطة النسوية الفلسطينية: الأوضاع الإنسانية والمعيشية للنازحين في قطاع غزة تعتبر أوضاعا مأساوية وكارثية فلا يوجد مأوى ولا مكان آمن يلجأ إليه النازحين لكي يحتموا به من القصف المتواصل، الذي يسبب القتل والتدمير للإنسان والمباني العمرانية.
وأضافت منى المغربي، الناشطة النسوية الفلسطينية، أن عملية النزوح المتواصل والمتكررة مرهقة للغاية فتبدأ الرحلة بالبحث عن مكان وعن خيمة وعن احتياجات أساسية يومية من أجل استمرار الحياة والمأكل والمشرب، فتبدأ رحلة البحث عن طعام وماء وعن غاز وعن حطب من أجل طهي الطعام ، وهذه الأشياء الأساسية لمقومات الحياة لا تتوفر بسهولة ، بل البحث عنها صعبا جدا.
وأشارات الناشطة النسوية الفلسطينية، إلى أن استمرار الحرب والعدوان يؤكد أن عملية النزوح والتهجير والتشريد من مكان لآخر مازالت مستمرة، فلا مكان آمن في قطاع غزة ولا مأوى يجعل النازحين يشعرون بالسكينة والاطمئنان ولو بعض من الوقت، في قصف الطائرات وصوت المدافع تقطع عليك الطمأنينة بأصواتها المرعبة.
وتكمل: استمرار الحرب ينذر بكارثة إنسانية كبيرة فلا توجد مقومات الحياة الأساسية للإنسان النازح لكي يتأقلم مع هكذا ظروف استثنائية، فكلنا أمل في انتهاء الحرب عاجلا حتى يمكننا الاستمرار من جديد في حياة من الممكن أن تبعث على الأمل من جديد لحياة كريمة ومستقرة.